في ظل الظروف والمعطيات والحال التي ذهب بها الهلال إلى الولايات المتحدة الأميركية لم يكن كثيرٌ من الهلاليين متفائلًا بمشاركة الفريق في كأس العالم للأندية بنسختها الجديدة الموسعة، وكان أكثرهم تفاؤلًا سيقنع بخسارة مشرفة أمام ريال مدريد، والعودة من دور المجموعات بأقل الخسائر، وبما يحفظ ماء الوجه الهلالي؛ لكنَّ الهلال الذي حقق قبل سنتين وصافة العالم بدون مهاجم صريح وبأجانب أجبرته عليهم عقوبة وقف التسجيل أبى إلا أن يكرر المشهد، ويؤكد أنَّه خارج مناطق سيطرة المنطق الكروي، فذهب إلى بلاد العم سام بدون أي صفقات جديدة، وبجسدٍ مثخن بالجراح، وبأجانب بعضهم منهك، وبعضهم مُستهلَك، وبمدرب جديد، وبدون مهاجم، وبدكة بدلاء لا تسر الناظرين، فأبهر العالم، وقهر الظروف والحظ والمتربصين، وتأهل مع ريال مدريد إلى دور الـ16 بعد أن خرجت كل فرق آسيا وأفريقيا من دور المجموعات، وبقي الهلال ليمارس هوايته في كتابة فصلٍ جديد من تاريخه المجيد، وليبدأ هوايته الجديدة في إعادة جغرفة كرة القدم في العالم!.
قيمة لاعبي ريال مدريد السوقية التي تصل إلى 10 أضعاف قيمة لاعبي الهلال، والقيمة السوقية للاعبي سالزبورغ النمساوي التي تتجاوز الهلال بـ23 مليون يورو، وتدعيم الفريقين لصفوفهما ببعض الصفقات في نافذة يونيو، وزعامة الأول على كرة القدم في العالم، وتمرس الثاني في دوري أبطال أوروبا، وتفوقهما على الهلال بدنيًا ولياقيًا، وأفضليتهما عليه من حيث دكة البدلاء؛ كل هذا لم يمنع كبير آسيا من أن يقاتل ويعوض كل هذه الفروقات بشخصيته وقتالية لاعبيه وقدرة مدربه الجديد على علاج بعض المشكلات الدفاعية وإعادة ترتيب صفوف الفريق وتنظيم خطوطه والتأهل إلى الأدوار الإقصائية بعد تعادل ظالم معهما وفوز على باتشوكا المكسيكي كأول انتصار للكرة السعودية على الكرة المكسيكية على صعيد الأندية والمنتخبات!.
ولك أن تتخيل لو أنَّ الهلال ذهب إلى هناك بمهاجم قادر على استغلال كمية الفرص التي أهدرها البرازيلي ماركوس ليوناردو، وببديل للبرازيلي الآخر مالكوم الميت دماغيًا، وبظهير يملك الحلول والقدرة على الوصول، وقبل ذلك القدرة على المشاركة طيلة الـ90 دقيقة، ولا تحتاج للكثير من الخيال لتدرك أنَّ الهلال كان سيتصدر مجموعته تاركًا الوصافة لغريمه التقليدي العالمي ريال مدريد!.
هل انتهت مهمة الهلال وانتهت كل طموحاته وأحلامه بالتأهل إلى دور الـ16؟! وهل بات على الهلال أن يرمي المنديل مقدمًا أمام كتيبة بيب غوارديولا المدججة بالأسلحة الفتاكة والقادرة على أن تنافس في البطولة بصفها الاحتياطي؟! المنطق الكروي يقول إنَّ هذا المجالد العربي السعودي قد نزف كثيرًا، واستنزف كثيرًا، ولم تبتسم له القرعة وهي تضعه أمام أحد أقوى وأجهز فرق كرة القدم في العالم وبقيادة أعظم مدرب كرة قدم في العصر الحديث؛ لكنَّ الهلال الذي لا يعترف بالمنطق الكروي ولا بالمنطقة الجغرافية ليس لديه راية بيضاء ليرفعها، ولا منديلًا أبيضًا ليرميه، ولا يجيد إلا أن يخوض معاركه بكل كبرياء وشموخ وجسارة، فإما حياة تسر الصديق، وإما ممات يغيض العدا.
كل التوفيق لممثل الكرة السعودية والعربية والآسيوية في مواجهة المان سيتي فجر الثلاثاء، ومن يدري؛ فلربما انتصرت النوايا الحسنة وخسر المنطق الكروي مجددًا أمام الهلال!.
قصف
كلما ارتفع الهلال إلى سماء جديدة تعثر على أهل القيعان رؤيته!.
على إدارة الهلال أن تنظف الفريق من كل مخلفات نيمار، وأن تلغي هذه الفئة من حساباتها في كل تعاقداتها المقبلة!.
أوروبا عجزت عنهم، وفشلت في ضبطهم، فكيف بنا؟!.
إنزاغي قدم لنا ناصر الدوسري بشكل جديد وفريد وناضج، على ناصر أن يعض على هذه الفرصة بنواجذه، وأن يعمل بجهد أكبر ليخلف (بناخيه) سالم في قيادة الهلال.
هذه المرة لا يمكن أن تخرج مبالغ تجديد الدون من الحسبة كما خرجت مبالغ التوقيع معه أول مرة!.
برنامج الاستقطاب فاوض ميسي للهلال قبل عامين وفشل في التوقيع معه، واستبدله بالمعطوب نيمار الذي رحل منتصف الموسم الماضي، المنطق يقول إن كان الصندوق قد نجح الآن في إقناع ميسي بالحضور للدوري السعودي فلا بد أن يكون للهلال!.