حسين الراوي
«العلامات التجارية هي أكبر كذبة تسويقية، يقوم بها التُجار الأذكياء لسرقة الأغنياء، ولكن الفقراء هُم من يصدقون ذلك».
قول مأثور عن أحد وزراء التجارة الفرنسيين.
منذ وقت بعيد تكوّنت لديّ قناعة راسخة بسبب معرفتي وتجربتي وأسفاري وما رأيته بنفسي بأن حكاية (الماركات) من الملبوسات والعطور النسبة العُظمى منها ليست إلا خداع في خداع.
معظم تلك الماركات العالمية ثبت بالفعل أنها تُصنع في الصبن، ثم تذهب إلى تلك المصانع الأوروبية ليوضع عليها فقط شِعار الماركة العالمية وعبارة (صُنع في ...) أي في دولة أوروبية تُنتج تلك الماركة بعيداً عن ذِكر موطنها الأصلي (الصين).
وتم تأكيد هذا الأمر من خلال فضح بعض التُجار الصينيين بالتعاون مع الحكومة الصينية ومشاهير الميديا الصينيين للعديد من الماركات العالمية حيث خرجوا للناس عبر تطبيق التيك توك ونشروا حقيقة أنهم عبر مصانعهم الصينية يُنتجون الكثير من الأشياء التي تبيعها تلك المحلات ذات العلامات التجارية العالمية!
ومما يُضحك أن المتحدثة بسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينج، سخرت من الرئيس الأميركي ترامب بسبب فرضه رسوماً على الصين هي الأعلى من بين باقي الدول الأخرى، حيث قالت إن القبعة الحمراء التي كان ترامب يضعها على رأسه ويخرج بها أمام ملايين الناس في حملته الانتخابية، والمكتوب عليها عبارة: «لنجعل أميركا عظيمة من جديد»، ليست إلا قبعة تم صنعها في الصين!
في شهر مايو عام 2014 كنت في زيارة إلى العاصمة الصينية بكين، وفي أثناء تجولي مع أحد الأصدقاء في أحد المجمعات التجارية في بكين الخاصة ببيع الحقائب بأشكالها المتعددة فاعترضتنا سيدة شقراء، قالت لنا لاحقاً أنها إيطالية الجنسية، أخذت تعرض علينا العديد من الحقائب اليدوية في متجرها، وتبين لصاحبي ذي الخبرة بحقائب اليد وهو يتفحص تلك الحقائب أنها حقائب عالية الجودة وذات جلود طبيعية، فقال لتلك السيدة الإيطالية بأن بضاعتها جميلة بصفة عامة، فذكرت له السيدة الإيطالية أنها تستمد بضاعتها من أحد المصانع الصينية المتعاقدة مع بعض شركات العلامات التجارية العالمية المشهورة!
ثم أخرجت عدداً من الحقائب من صناديقها التي كانت بداخلها ثم قالت لنا إن تلك الحقائب هي ذاتها التي تبيعها العلامات التجارية المشهورة كذا وكذا، وإن الفرق بينهما هو شِعار العلامة التجارية، وعبارة: «صُنع في ...» فقط!
في النهاية ثبت أن الصين هي مصنع العالم، وأن أميركا لم تستطع أن تؤثر على الصين اقتصادياً عبر فرضها رسوماً جمركية مرتفعة جداً عليها، بل إن الرئيس الأميركي ترامب قال «إن الرسوم الجمركية المرتفعة على السلع الصينية ستنخفض بشكل كبير، لكنها لن تصل إلى الصفر».