: آخر تحديث

أزمات نتانياهو تنعكس في سياسته الخارجية

6
5
6

محمد خلفان الصوافي

السياسة الخارجية لأي دولة في العالم هي انعكاس للسياسة الداخلية.. بل يؤكد البعض أن قوة تأثير الدولة خارجياً، تعتمد على الإنجازات في السياسة الداخلية، حيث يتكئ النجاح السياسي الخارجي في الأغلب على إنجازات الحكومة في الداخل.

بينما يؤدي فشل الحكومة داخلياً وعدم قدرتها على خلق انسجام بين المؤسسات، إلى حالة من الانفعال السياسي والفوضى ومحاولة تصدير الأزمة الداخلية إلى الخارج.. وهذا ما يحصل فعلياً مع نتانياهو حالياً.

يوجد هدفان لحكومة نتانياهو من تسريع عودة الحرب، الهدف الأول أن أغلب أعضاء حكومته يؤمنون بأن السلام في المنطقة لا يتحقق إلا بالقوة، لذا امتدت تلك الحرب لأكثر من عام ونصف العام واتسعت لتشمل إلى جانب غزة، لبنان وإيران وسوريا واليمن.. مع أن هذا الاعتقاد فشل لأنه يركز على استضعاف المدنيين وعلى تدمير البنى التحتية للمناطق المستهدفة.

الهدف الثاني لحكومة نتانياهو، هو القضاء على حركة حماس وليس تحجيمها أو تحييدها على أساس أن معيار النصر لأحد الطرفين الإسرائيلي والحمساوي هو القضاء على الطرف الآخر. وقد أثيرت هذه النقطة بقوة بعد توقف الحرب مباشرة وكانت ستقود إلى إسقاط حكومة نتانياهو لو استمر وقف القتال. لذا فضل نتانياهو استكمال الحرب لتحقيق الهدف الذي وضعته حكومته منذ السابع من أكتوبر 2023، ولكن من خلال قتل المزيد من الشعب الفلسطيني.

سياسة نتانياهو لشن الغارات العشوائية ضد المدنيين تعد سياسة قديمة لذا لم يكن مستغرباً استئنافها بعد إيقاف الحرب، فما بالك وهو الآن يحظى بدعم واضح من الإدارة الأمريكية الحالية..

بل إن استعادة الحرب هي حجة مناسبة للهروب من أزمات حكومته الداخلية، فهو يدرك أنه في حالة التفرغ للعمل السياسي الداخلي، فسيجبره معارضوه على الاستقالة أو إجراء انتخابات جديدة.. وفي كلتا الحالتين سيكون مصيره نهاية مشواره السياسي، فهو إما سيدخل السجن بقية حياته نتيجة مسؤوليته المباشرة كرئيس للوزراء عن هجمات 7 أكتوبر، فضلاً عن الاتهامات القضائية التي تلاحقه بالفساد..

أو سيستبعد من أي انتخابات جديدة، أو على الأقل سيمنى فيها بهزيمة منكرة بعد تراجع شعبيته بشدة على خلفية سوء إدارته لمسألة تحرير المختطفين الإسرائيليين لدى حماس، وبالتالي فمن وجهة نظره الأفضل هو الاستمرار في الحرب ضد شعب غزة وتوسعتها إذا تطلب الأمر.

نتيجة الضعف الداخلي لنتانياهو وهشاشة التوازنات التي شكل بموجبها حكومته، لم يحقق نجاحاً خارجياً له شأن، وذلك رغم كل المحاولات الإقليمية والدولية لمساعدته، وإيجاد أي اختراق دبلوماسي لحل الأزمة المعقدة بين إسرائيل والفلسطينيين، فحكومته الحالية هي نتاج ائتلاف أصولي متشدد تسببت في حرب إبادة أحرجت العالم كله وكادت أن تتسبب في كارثة في المنطقة لولا الجهود العربية للوصول للهدنة.

الفكرة هنا أنه، حينما تكون الحكومة مرتبكة في الداخل سواءً من خلال الدخول في صراعات مع المؤسسات التقليدية، كما هو الأمر مع الأجهزة الأمنية بين نتانياهو ورئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، أو من خلال عدم الوفاء بمطالب الناخبين..

وفي هذه الحالة يكون أي تحرك لتلك الحكومة نحو الخارج غير مطمئن، لأن ما ستفعله سيكون بهدف التهرب من المحاسبة الداخلية لأنها لا تقف على أرضية صلبة.

الإنجاز الداخلي عنصر مهم في النجاح الخارجي، صحيح أنه ليس العامل الوحيد، لأن هناك عوامل أخرى متعلقة بالمجتمع وتماسكه وكذلك برؤية القائد.. لكن أداء الحكومة الداخلي أساسي في تعزيز تلك العوامل الأخرى وصناعة النجاح الخارجي، حيث تصب كلها في دعم الدولة ومساعدتها على تحقيق أهداف الوطن ونهضته خارجياً وهذا ما لم تستطع حكومة نتانياهو تحقيقه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد