: آخر تحديث

أمريكا وإيران.. وبينهما روسيا

8
7
6

عماد الدين حسين

ليس مستبعداً بالمرة أن نجد الولايات المتحدة وإيران يجلسان ويتفاوضان معاً، ويتوصلان إلى اتفاق، وليس مستبعداً أن تنفجر الأوضاع في المنطقة، وتدخل في صراع مفتوح، قد يتطور إلى انفجار كبير.

كان لافتاً للنظر في الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الأمريكي، دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، إعلان البيت الأبيض بأن الرئيسين اتفقا على أن إيران لا ينبغي لها أبداً أن تكون في وضع يسمح لها بتدمير إسرائيل.

المفترض أن اتصال ترامب وبوتين جرى بالأساس، لبحث شروط وقف القتال بين روسيا وأوكرانيا، لكن من الواضح أن هناك محاولة روسية لإقناع ترامب بالتوصل إلى حل سياسي مع إيران، يمنع تفجر الأوضاع، إلى ما لا يمكن السيطرة عليه في كل المنطقة.

في الخامس من مارس، قالت قناة زفيردا الروسية، إن موسكو وافقت على مساعدة ترامب في التواصل مع إيران بشأن قضايا مختلفة، بما في ذلك المشروع النووي، والدعم الذي تقدمه طهران لتنظيمات معارضة للولايات المتحدة وإسرائيل.

وحينما اجتمعت وفود روسية أمريكية، في العاصمة السعودية الرياض، فإن يوري أوشاكوف مستشار بوتين للسياسة الخارجية، قال إن العلاقات الروسية الإيرانية، كانت أحد القضايا التي تم بحثها في المحادثات، وإن الجانبين اتفقا على إجراء محادثات منفصلة لهذا الموضوع.

علماً بأن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، قال: إن إيران شريكة وحليفة لروسيا، وإن موسكو ستواصل تطوير العلاقات معها، وإن بوتين يعتقد ويقتنع بأن مشكلة الملف النووي الإيراني، يجب حلها بالوسائل السلمية فقط، وإن روسيا ستفعل كل ما هو ممكن لإيجاد حل سلمي لهذا الموضوع.

السؤال، ماذا تريد واشنطن من إيران؟

طبقاً لما هو معلن، فإن ترامب أعاد في الأول من فبراير الماضي، حملة الضغط الأقصى على إيران، في محاولة لمنع إيران من صنع سلاح نووي، وتشمل محاولاته خفض صادراتها من النفط إلى الصفر، لكنه قال أيضاً، إنه منفتح على التوصل إلى اتفاق، وإنه على استعداد للتحدث مع الرئيس الإيراني مسعود بيزيشكيان.

وبعدها قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، بريان هيوز: إن إدارة ترامب ستتحدث مع خصومنا وحلفائنا، على حد سواء، ولكن من منطق القوة للدفاع عن أمننا القومي.

نعرف أن واشنطن أعلنت أيضاً أنها لن تتسامح مع حصول إيران على سلاح نووي.

والآن، ماذا تريد إيران؟

بالطبع هي تتمنى أن تصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، يسمح لها باستكمال برنامجها النووي، الذي تؤكد دائماً أنه سلمي، وأن تتركها تمارس نفوذها في ما تبقى لها من نفوذ في المنطقة.

لكن الرئيس الإيراني رد على عرض ترامب للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، بالقول: «لن أتفاوض معك، حتى تحت التهديد، وافعل ما تريد، لا نريد أن نتشاجر مع أحد، لكننا لن ننحني أمام الآخرين، ونموت، ولكن لن نعيش في الذل».

ورغم ذلك، فإن الناطق باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قال: إن طهران لن تغلق باب المفاوضات، مؤكداً أن معادلة الحرب أو المفاوضات، تثبت عدم جدية الطرف الأمريكي. لكن لا يمكن الحديث عن العلاقات الأمريكية الإيرانية، بمعزل عن «العامل الإسرائيلي».

نتذكر أن الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، وقّعت مع إيران اتفاقاً بالشراكة مع الدول الأوروبية الكبرى، سمي «6 + 1»، لكن ترامب ألغاه في ولايته الأولى، استجابة لضغوط إسرائيلية، رأت أن الاتفاق يعطى إيران فرصة لالتقاط أنفاسها، وإنجاز برنامجها النووي. وحينما عاد ترامب مرة أخرى للبيت الأبيض، استجاب للرغبات الإسرائيلية، وقرر فرض سياسة «الضغط القصوى».

إسرائيل لا تريد وجود أي محادثات أمريكية إيرانية، سواء مباشرة أو غير مباشرة، وأحد أهم أهدافها توجيه ضربة عسكرية قاضية للمنشآت النووية الإيرانية، سواء بشراكة أمريكية كاملة، أو بضوء أخضر فقط.

ومن الواضح أن الرئيس السابق، جو بايدن، رفض أكثر من مرة، قيام إسرائيل بقصف المنشآت النووية الإيرانية، لكن مجمل تصريحات ترامب عن هذا الموضوع، كانت أقرب إلى الرؤية الإسرائيلية، وتحدثت تقارير كثيرة عن أن نتنياهو أقنع ترامب، حينما اجتمعا سوياً في البيت الأبيض قبل أسابيع، بضرورة القضاء على البرنامج النووي الإيراني.

وكشف موقع أكسيوس الأمريكي، أن ترامب أمهل طهران شهرين للتوصل لاتفاق نووي جديد، قبل أن ينفذ عملاً عسكرياً ضد منشآت إيران النووية، بحسب رسالة بعث بها للمرشد الإيراني علي خامنئي.

كان ترامب قد قال قبل أسبوعين، إنه أرسل رسالة إلى المرشد الإيراني، مقترحاً مفاوضات مباشرة. وقالت مصادر مطلعة، إن رسالة ترامب إلى خامنئي، حملت لهجة حادة، حيث عرض التفاوض على اتفاق نووي جديد، لكنه حذر من عواقب وخيمة، إذا رفضت إيران العرض، واستمرت في برنامجها النووي. وأوضحت المصادر أن ترامب شدد على أنه لا يريد مفاوضات مفتوحة المدة.

ووجهت أمريكا ضربة قوية لمواقع حوثية كثيرة في اليمن. هذه الضربة اعتبرتها مصادر كثيرة، رسالة مباشرة إلى إيران، خصوصاً أن التصريحات الأمريكية تحاول وضع معادلة جديدة، مفادها أن أي صاروخ سيطلق من اليمن ضد إسرائيل، أو أهداف أمريكية، سيتم التعامل معه باعتباره صاروخاً إيرانياً، الأمر الذي رفضته طهران.

من الطبيعي، وبعد أن تمكنت إسرائيل من توجيه ضربات قوية إلى «حماس» في غزة، و«حزب الله» في لبنان، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، فإنها وبدعم أمريكي كامل، تسعى للقضاء على الحوثيين في اليمن، وربما توجيه ضربات لتنظيمات عراقية مقربة من إيران.

إذا كان الأمر بيد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فقط، فإنه يعتقد أن الظروف الحالية فرصة نادرة، لن تتكرر، للقضاء ليس فقط على «أذرع إيران» في المنطقة، لكن على ما يسميه «رأس التنين أو الأخطبوط».

لكن القرار النهائي يظل موجوداً في البيت الأبيض، فهل يتمكن بوتين من إقناع ترامب، بإنجاز صفقة مع طهران، تراعي مصالح الطرفين، أم أن رؤية نتنياهو هي التي سوف تنتصر؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد