: آخر تحديث

أمن الدولة.. وإصلاحات المستشار

6
6
5

كتبت أخيراً مطالباً تقوية جبهتينا، الداخلية والخارجية، أمام المتوقع من الأطماع والمطالبات، والاستعداد لكل الاحتمالات بالتكاتف مع المجتمع الإقليمي، والتعاون الأوسع مع القوى الأكبر. ومن الضروري، تزامناً مع أعلاه، جَعْل أنظمتنا وقوانيننا أكثر إنسانية وأكثر كرماً، وهذا لا يمكن أن يتحقق بغير الإسراع، في التطبيق الحرفي لكامل بنود اتفاقيات حقوق الإنسان، لتشمل المواطن والمقيم «مهما كلف الأمر»، فالقاعدة المنطقية والإنسانية تجيز تجاوز وتجاهل كل المحظورات عند الاضطرار للقيام بالضرورات، خاصة إن تعلقت بكامل أمن الدولة وشعبها، ووجودهما.

يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي كتبنا عن أهميته أكثر من عشرة مقالات، لم يلتفت لها مسؤول ما، وثيقة تاريخية تحدد الحقوق الأساسية للبشر، الذين يولدون متساوين في الكرامة والحقوق، ورفض التمييز بينهم بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو الأصل أو الثروة، ونجد هنا أننا مقصرون في تطبيق هذه الفقرة. مع التنويه بالآثار الإيجابية، الصادرة غالباً من رغبات سامية، لزيادة إشراك المرأة في مختلف جهات اتخاذ القرار، بعد عقود من الإهمال.

كما يجب منع التعذيب والمعاملة القاسية، في أي من مؤسسات الدولة العقابية، ولا أعرف مدى تطبيق هذه الأمور.

وضرورة الاعتراف بالشخصية القانونية لكل إنسان أمام القانون، دون تمييز، أو تحايل على القانون.

كما للجميع الحق في محاكمة عادلة، وهذا متوافر، لكن الجميع تقريباً يشتكي من بطء إجراءات التقاضي، والتأخير الرهيب في صدور الأحكام، وهذا يمثل عين الظلم.

كما من حق الإنسان العيش في بيئة نظيفة، وهذا غير مطبق وليس من أولويات هيئة البيئة العاجزة، فالكويت تشكو من تلوث الهواء بدرجات عالية، على الرغم من قلة عدد سكانها وقلة مصانعها، وقلة نسبة الأدخنة التي تنبعث من مصافيها، لكن يبدو أن التعامل مع هذا الخطر ليس من صميم اهتمامات الجهات المعنية، بسبب عجزها وقلة فهمها.

من جانب آخر، أصبحنا نرى اهتماماً متزايداً بتعديل قوانين الأحوال الشخصية، والتي أعلن عنها وزير العدل المستشار، ناصر السميط، والمتعلقة بمحكمة الأسرة، والعنف الأسري، والأحداث، والطفل، وضرورة تغيير القوانين لحماية المرأة والقضاء على تعنيفها، سواء أكانت زوجة أم ابنة أم أختاً أم أمّاً. لكن كان محبطاً تصريحه بوجود مثالب كثيرة لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية تسببت بالتشجيع والتساهل في عملية الطلاق، علماً بأن هناك عشرات الأمور التي لا تتفق مع الشريعة أيضاً، وتم تجاهلها، وبالتالي يجب أن تكون مسطرة الوزارة مبنية على العدالة والإنسانية وليس على غيرهما. فالبند القانوني الذي يمنح الأب 6 ساعات فقط، كما هو الحال الآن، لرؤية أبنائه يوم الجمعة فقط، غير إنساني، ويجب تعديله، ولا علاقة للأمر بالشريعة.

كما أن حق الزوجة في طلب الطلاق، أمر إنساني بحت، ويجب عدم تغييره بحجة أنه «غير مطبق بالدول المجاورة»!!، فكيف نجبر «إنسانة على العيش مع من تكره» لأن القانون في دولة أخرى يقول ذلك!

كما كان جميلاً رفع سن المسؤولية الجزائية للطفل من 7 إلى 10 سنوات، لكنه حتماً غير كافٍ، فكيف يجوز محاكمتهم عن أفعالهم وهم في تلك السن، وبالتالي يتطلب الأمر التفكير فيه بطريقة أكثر إنسانية، بالتوافق مع سن الطفل، المدان.

كما كان رائعاً رفع سن الزواج، من مستوياته المتدنية السابقة، إلى 15 سنة للفتاة، و18 للفتى، على الرغم من أنه مخالف، نوعاً ما، للشريعة، فكيف جاز هنا ولم يجز هناك؟!

وكان رائعاً كذلك الحكم بتعديل المادة 153 التي كانت توفر في السابق حكماً مخففاً، ومخلاً جداً بالمساواة الإنسانية، على مرتكب جريمة بشعة، بحجة مسها بشرف «الرجل»، وجعله الأمر جريمة قتل عمد.

* * *

إن المخاطر تحيط بنا كدولة صغيرة وثرية، وضمان أمننا يتحقق بتمتين وحدتنا الوطنية، واحترامنا والتزامنا الشرائع الدولية.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد