بيان الميزانية السعودية عن الربع الأول من العام الجاري 2024، يؤكّد مضي الحكومة في استكمال مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية. أكتب هذا الأسبوع عن ارتفاع السيولة في الاقتصاد السعودي، وارتفاع نسبة توزيع "أرامكو" عن الربع الأول من العام الجاري.
تواصل مستويات السيولة في الاقتصاد السعودي نموها، حيث بلغت أعلى مستوياتها بنهاية شهر آذار (مارس) 2024، عند مستوى 2.8 تريليون ريال (746 مليار دولار)، أي بنسبة 8.3 في المئة نمو سنوية وبزيادة تجاوزت الـ215 مليار ريال، مقارنة بنهاية الفترة المماثلة من العام 2023. هذه النتائج الإيجابية تدعم النشاط والحراك الاقتصادي والتجاري.
من الإشارات المشجعة أيضاً، متانة القطاع المصرفي والمالي، وارتفاع الودائع تحت الطلب. كذلك سجّلت الودائع الزمنية والإدخارية نمواً عالياً بقيمة تجاوزت الـ144 مليار ريال تقريباً، بنسبة 20 في المئة مقارنة بنهاية شهر آذار من العام 2023. هذه تطورات جيدة، لاسيما أنّ النقد المتداول خارج المصارف ارتفع بأكثر من 19 مليار ريال تقريباً وبنسبة نمو تُقدّر بـ9.6 في المئة، مقارنة بـ207 مليارات ريال في الفترة ذاتها من العام السابق.
التطور الاقتصادي الهام الثاني، توزيع شركة "أرامكو السعودية" 116.5 ملیار ﷼ عن الربع الأول من العام، رغم انخفاض الأرباح الفصلية للشركة بسبب انخفاض أسعار النفط والكميات المبيعة. من ضمن أسباب انخفاض صافي الدخل، انخفاض الكميات المبيعة من النفط الخام، وضعف هوامش أرباح أعمال التكرير. لم تهبط عزيمة الشركة، بل رفعت نفقاتها الاستثمارية في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 23.8 في المئة إلى 10.8 مليارات دولار، ما يعكس عزم الشركة على زيادة الاستثمار للاستفادة من فرص النمو وإيجاد قيمة طويلة الأجل للمساهمين. كذلك بلغ صافي الدخل 102.3 مليار ريال، مقارنة بالربع الأول لعام 2023 الذي بلغ 119.5 مليار ريال. لعلي أضيف أنّ شركة "أرامكو" تتوقع توزيع أرباح بقيمة 124.3 مليار دولار هذا العام، بزيادة نحو 27 في المئة مقارنةً بتوزيعات العام الماضي.
ماذا عن المستقبل؟ تراجع الأرباح لم يمنع "أرامكو" من التخطيط لإنفاق مبالغ كبيرة على زيادة إنتاجها من الغاز في عام 2024، حيث عدَّلت هدف الإنتاج بزيادة 60 في المئة لعام 2021 البالغ 50 في المئة. مشاريع الشركة الأخرى المعلَنة تشمل أيضاً تطوير حقل "الدمام"، وزيادة إنتاج النفط الخام في "الظلوف" و"البري" و"المرجان" للمحافظة على الطاقة الإنتاجية.
لعلّي أضيف أنّ لشركة "أرامكو" الريادة في الاستخلاص المعزز للنفط على مستوى الشرق الأوسط، ويضمن استخراج النفط بحقن ثاني أكسيد الكربون، وذلك باستخلاصها من محطات الطاقة الكهربائية واحتجازه في باطن الأرض وحقنه في مكامن النفط.
كذلك من المشاريع المقبلة، إضافة 15 تريليون قدم مكعبة من الغاز الخام وملياري برميل من المكثفات كاحتياطيات مؤكَّدة، ومواصلة أعمال التصميم والشراء والإنشاء في معمل الغاز في "الجافورة" المتوقع أن يبدأ إنتاجه في عام 2025، ومواصلة أعمال الإنشاء في معمل الغاز في "رأس تناقيب"، وإرساء عقود أعمال الهندسة بقيمة 28.9 مليار ريال لتوسيع معمل الغاز في "الفاضلي".
آخر الكلام. من الواضح أنّ مستويات السيولة في الاقتصاد السعودي،رغم العجز، تساهم بقوة في مسيرة التنمية، كذلك يواصل مركز شركة "أرامكو" المالي القوي تبنّي رؤية طويلة المدى وتحقيق الأهداف المنشودة، بغض النظر عن الظروف الطارئة.