خالد بن حمد المالك
يبدو أن إيران تتجه إلى تعديلات جذرية في سياساتها الخارجية، فهناك إشارات مهمة أطلقها الرئيس الإيراني تظهر استعداد إيران لإيجاد صيغ جديدة لتفاهماتها مع الدول، بما لا يضر إيران، ولا يضر الدول الأخرى، ويساعد على الاستقرار في المنطقة، وفق سياسة العمل بالتسامح حتى مع الأعداء.
* *
ومع انتخاب الرئيس ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية لأربع سنوات قادمة، وهو الأكثر تشدداً في التعامل مع إيران، فقد سارع الرئيس الإيراني إلى القول بأن على بلاده أن تدير المواجهة مع واشنطن بنفسها، أي فتح الطريق لحوار مباشر بين البلدين.
* *
ويمضي الرئيس الإيراني بزشكيان إلى القول بأن على طهران أن تقوم بتنظيم علاقاتها الخارجية، وحل التوترات لمعالجة المشكلات الداخلية، وضمن ذلك معالجة العلاقات المتوترة بين إيران وأمريكا، على قاعدة التعامل مع الأعداء بالصبر، وأنه لا خيار آخر بديلاً عن التعامل مع أمريكا على الساحتين الإقليمية والدولية، شئنا أم أبينا على حد قوله.
* *
ويوضح الرئيس مسعود بزشكيان السياسة الإيرانية الجديدة، بأن على إيران أن تتعامل مع أصدقائها بكرم، ومع الأعداء بالصبر، وضمن ذلك هناك ضرورة لتنظيم العلاقات الإيرانية الخارجية، وحل التوترات الدولية، من أجل معالجة المشكلات الداخلية والتنمية.
* *
وأمام هذا الانفتاح، فكأن إيران تتجه إلى السعي نحو مباحثات مباشرة مع الرئيس الأمريكي ترامب، وتهدئة الاحتقان بين الدولتين، وبناء علاقات يسودها التهدئة، والتناغم لاحقاً في فض النزاعات موضع الاختلاف بين واشنطن وطهران من جهة، وبقية الأعداء من جهة أخرى.
* *
إذا حدث هذا، فإن المنطق يقول بأن لا تصعيد في الصراعات والخلافات، يقابل ذلك استقرار محتمل وقادم في دول المنطقة التي تعاني من الفوضى والحروب، وهو ما نتمناه، فإيران دولة إسلامية شقيقة، وجارة، ولها أهميتها في أمن المنطقة وجميع دولها.
* *
لكن كما أن لأمريكا شروطها لطي الخلافات وفتح صفحة جديدة من الخلافات التي بدأت مع ثورة الخميني 1979م، وإلى الآن، فلإيران هي الأخرى متطلبات تتمسك بها، مع مرونتها التي عبرت عنها تصريحات الرئيس الإيراني، واعتبرها المراقبون والمتابعون إشارات إيجابية.
* *
ومن المهم أن تترجم مثل هذه التصريحات إلى واقع، وإلى فعل، وإلى تنفيذ، وأن يكون الجميع معاضداً لها، ومتفاعلاً معها، فقد عانت المنطقة بما يكفي من تأثير هذه الخلافات، ومن وجود أعداء حقيقيين أو وهميين، ولا يجوز مهما كانت المبررات استمرارها.
* *
وبعد هذه الإشارات الإيجابية من الرئيس الإيراني، يجب على الجميع أن يأخذها على محمل الجد، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب، لاستكشاف فرص التعاون المستقبلي، بعيداً عن كل ما يعكر العلاقات، حالياً وفي المستقبل، سواء بين دول المنطقة، أو مع الدول الخارجية.
* *
ومع أن الرئيس ترامب بدأ يراسل إيران عبر العراق، فإن هذا بمثابة تمهيد لحوار مباشر يفترض أن يتم بين طهران وواشنطن، كما هي رغبة إيران بحسب تصريحات الرئيس مسعود، لتسريع نزع فتيل الخلافات مع الرئيسين الجديدين في أمريكا وإيران.
* *
نحن إذاً أمام تطور إيجابي بدأت مؤشراته، وعلى الجميع عدم تفويت هذه الفرصة، وخلق كل أسباب نجاحها، بالعمل الجدي الصادق لإحداث هذا التغير وإنجاحه.