تفاءلنا خيراً منذ الإعلان عن مسلسل «أعلى نسبة مشاهدة»، فوضعناه في قائمة المشاهدة والمتابعة اليومية، وشعرنا بأنه سيكون دراما مختلفة تترك علامة مميزة هذا العام، خصوصاً أنه عمل أنثوي يقوم على مجهود مواهب شابة، التأليف لسمر طاهر، والإخراج لياسمين أحمد كامل والبطولة الأولى لسلمى أبو ضيف وبجانبها ليلى أحمد زاهر وفرح يوسف.. وبقي التفاؤل رفيقنا حتى تخطينا الحلقات العشر الأولى، حيث صار الافتعال والاستفزاز عنوان الأحداث التي تسير كلها وفق خيال الكاتبة وإصرارها على لي ذراع الواقع، وتأليف أحداث لا يمكن أن تتكدس بهذا الشكل في حياة أي إنسان؛ خيال بات يوظف كل الشخصيات وتصرفاتها وأقوالها في خدمة فكرة واحدة ونتيجة حتمية لا بد أن تصل إليها البطلة شيماء (سلمى أبو ضيف)، فتتزوج رغماً عنها وتنحرف رغماً عنها وتتسبب في كوارث لوالديها رغماً عنها.
لم نفهم لماذا أغلقت الكاتبة كل المنافذ في وجه البطلة ليكون أمامها خيار واحد ووحيد، تسرع نحوه لتهرب من واقع مرّ إلى مصير أمرّ منه؟ طبيعي أن ترتكز القصة على موضوع السوشيال ميديا واللهاث خلف الشهرة والترند وتحقيق أعلى نسب مشاهدة والتيك توك.. فالمضمون (باين) من العنوان، وقد اختارت المؤلفة أن تكون البطلة وعائلتها من الطبقة الأقل من المتوسطة، وأن تخرج من رحم الأحياء الشعبية، التي تعيش على قوت يومها.
شيماء الفتاة الطيبة البسيطة، تعاني تنمر والدتها التي تنعتها دائماً بالفاشلة، وهي مهمومة بضرورة تزويجها لتخفيف العبء عن كاهل الأب، بينما شقيقتها الأصغر نسمة (ليلى زاهر) ماكرة مهووسة بالشهرة على التيك توك، تجرف معها شيماء لتدخل هذا العالم رغماً عنها فتنال إعجاب الناس وتشتهر منذ إطلالتها الأولى، ما يشعل الغيرة في قلب نسمة.. تفاعل الأحداث وتطورها يتجه نحو الافتعال، يغيب المنطق عن تسلسل الكوارث التي تتسبب في أزمات لشيماء، وتصل ذروتها إلى لحظة هروبها من منزل أبيها لتختبئ لدى رجل بالكاد تعرفه! كل ما يحصل في الحلقات الأخيرة غير مبرر، وبدا واضحاً أن المؤلفة تضع الشخصية على خط سير يجب ألا تحيد عنه؛ كي تصل إلى الكارثة الأكبر.
أحببنا الإخراج واختيار أماكن التصوير والممثلين، وأحببنا أداء سلمى أبو ضيف، بل يمكن القول بأن هذا العمل كرّسها نجمة أولى تليق بها الأدوار الصعبة، كذلك استوقفنا أداء انتصار ومحمد محمود بدوري، الأم والأب، بينما استفزتنا ليلى زاهر بدور نسمة الكاريزما وإلهام صفي الدين بدور هبة تاتو، مبالغة في الأداء غير مبررة وعصبية زائدة وحركات غير طبيعية ولا منطقية، فشل كان من الواجب أن يستوقف المخرجة فتعدّل من أسلوبهما وأدائهما «البهلواني» في المسلسل.
هبوط بعد صعود، انحدر مسار المسلسل ليصير من الأقل مشاهدة.