في رائعته: «مئة عام من العزلة»، أعطى غابرييل ماركيز الأب نيكاتور رينا كوباً من الشيكولاتة قبل أن يرتفع ست بوصات عن الأرض. لاحقاً، وصف ماركيز هذا المشهد من الرواية بأنه حيلة صحفية. يهمّنا هنا أن الكوب كان من الشيكولاتة بالذات، موضوع حديثنا، ونستعيد كذلك أحداث الفيلم الشهير «شكولا»، من إخراج السويدي لاس هالستروم، حيث تستجيب بطلته فيان روشر (جولييت بيونشي)، لنداء خفي تطلقه في نفسها أي عاصفة، بالرحيل من حيث تقيم إلى مكان آخر، حتى تستقر في بلدة فرنسية هادئة تفتح فيها محلاً صغيراً لبيع الشيكولاتة، لنعيش معها التأثير السحري لهذا المشروب على أمزجة البشر، إذ سرعان ما نلاحظ التبدل في أحوال زبائنها، الذين كانوا يعانون من الرتابة والكآبة.
لنقرأ هذه النصيحة: «خذ مقدارين من الماء والحليب، وامزجهما جيداً حتى الغليان مع الاستمرار بالتحريك، لئلا يحترق أسفل المزيج، وبعد خفقهما جيداً، ضع لكل ربع غالون من السائل أوقية ونصفا من الكاكاو أو أوقيتين إذا أردتها أن تصبح أكثف، ثم ارفع المزيج عن النار، وضع عليه صفار بيضتين طازجتين وأخفقه مع قدر جيد من السكر المذاب في ماء الورد لتحليته، ومن ثم أخفقه كي يصبح كثيفاً، وبعدها اسكبه في الأطباق». ليست هذه وصفة مأخوذة من زاوية الطبخ في إحدى المجلات، أو من برنامج تلفزيوني للغاية ذاتها، وإنما من كتاب صدر في بدايات القرن الثامن عشر، بالضبط في عام 1704، وهي وصفة تدّلنا على عراقة تاريخ الشيكولاتة.
لم توفر الحروب مجالاً من المجالات إلا واقتحمته، بما في ذلك الشيكولاتة أيضاً. بدأت هذه الحرب عندما دخل نوع جديد من الشيكولاتة إلى قائمتها المعروفة المتوارثة والمكوّنة من ثلاثة أنواع تميّز بينها ألوانها: الأبيض، والداكن، والممزوج بالحليب، أما النوع الرابع فلم يدخل الساحة إلا في عام 2012، وهو النوع الأشقر، المكوّن من فطيرة التفاح أو غيره من الفواكه.
حسب موقع «دي. دبليو»، فإن الشيكولاتة الشقراء ولدت من مصادفة غير مقصودة حصلت للشيف فريديريك بو، حيث ترك الشيكولاتة البيضاء في الماء لمدة طويلة استمرت أربعة أيام، لتصبح، بسحر ساحر، شقراء اللون بلون ورائحة مذهلين. بعدها عمل ذلك الشيف لسبع سنوات متواصلة على إجراء الاختبارات لتحديد الصفات العطرية الفريدة وقوام الشيكولاتة الوليدة، لكنه أخفق في نيل الاعتراف القانوني بها كنوع جديد، رغم أن حرباً تدور على الجانب الآخر من جبال الألب، بين عمالقة الشيكولاتة حول هذا اللون بالذات، حيث تنظم الشركات المتنافسة حملات تسويقية كبيرة ل«اللون الرابع» الخاص بها، في نطاق محاكمات قويّة التداعيات يشهدها قطاع الشيكولاتة الأوروبي بانتظام.