أوضح صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات العامة السابق والسفير السعودي السابق لدى واشنطن ولندن، موقف المملكة من حركة «حماس»، وعلاقة السعودية بالفلسطينيين، وأسباب تأجيل «التطبيع» مع إسرائيل، في مقابلة نُشرت الأسبوع الماضي، تحدث فيها أيضاً حول السياسة السعودية تجاه أزمة غزة الحالية وتداعياتها. وقال الأمير تركي إن مطلب إحلال سلام آمن في قطاع غزة ضروري لمنع تمدد المأساة الحالية، مبيّناً الحاجة إلى تحقيق سلام واستقرار في فلسطين والمنطقة ككل.
وأوضح في المقابلة التي أجرتها معه مجلة «نيوستايتسمان» البريطانية، ونشرتها الاثنين الماضي، أن أي اتفاق سلام في الشرق الأوسط يجب أن يكون نتيجةً لقرار من الأمم المتحدة واقتراح من الدول العربية، على أن يبلغ بنود تطبيقه بهدنة طويلة تستمر مدة لا تقل عن خمس سنوات، في نهايتها يتم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة يعترف بها المجتمع الدولي، وضِمنه إسرائيل، وعند تلك المرحلة تبدأ مفاوضات بين إسرائيل والدولة الفلسطينية باعتبارهما دولتين تتمتعان بالسيادة على الأرض.
ورأى الأمير تركي الفيصل أن تتضمن صفقة السلام التزاماً من إسرائيل بدفع تعويضات عن التدمير الهائل الذي أحدثته في قطاع غزة، قائلاً إن التعويضات المدفوعة يمكن تقسيمها بالتساوي على ثلاثة أطراف: إسرائيل، والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وبقية دول العالم. كما أوضح أنه مطلوب من حركة «حماس» الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وإعلان قبولها الوضعَ القيادي للمنظمة، والاعتراف بميثاقها، بما في ذلك الاعتراف بإسرائيل كجزء من الإطار العملي لـ«حل الدولتين». وفيما يتعلق بهذه الجزئية، أي انضمام حركة «حماس» للمنظمة، قال الأمير إن الأمر متروك للحركة، لكن من الأجدى والأفضل لها تغيير قادتها الحاليين، مؤكداً أن ذلك ينبغي أن يشمل أيضاً السلطةَ الوطنية الفلسطينية وإسرائيل.
كما أوضح أنه على هذه الأخيرة أن تنسحب من قطاع غزة بالكامل، مؤكداً صعوبةَ تخطي القضية الفلسطينية وزوالها بالسهولة التي يتخيلها بعضهم، وذلك لتمسك أهلها بحقوقهم الوطنية والشرعية على أرضهم. وحول موقف بلاده من إحلال السلام، أجاب الفيصل بأن وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، عندما سُئِلَ عن التطبيع بين السعودية وإسرائيل، قال بشكل قاطع إنه لا بد من قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وحل مشكلة اللاجئين، وتبني الأطراف الأخرى مبادرة السلام العربية التي أُطلقت سابقاً.
وكل ذلك يتسق وينسجم مع بيانات وتصريحات الحكومة السعودية. وبيّن الأمير تركي الفيصل أن هجوم 7 أكتوبر كان له تأثير على محادثات «التطبيع»، مشيراً إلى إن السعودية واصلت هذه المحادثات، مع تشديدها على عدالة القضية الفلسطينية، وعلى الحاجة إلى خريطة طريق واضحة تقود لقيام دولة فلسطينية.
وبيّن الأمير أنه من أجل ذلك الغرض دعت المملكة وفداً فلسطينياً للحضور والتشاور، ولقاء الأميركيين بشكل مباشر. وقال: نحن لا نتحدث باسم الفلسطينيين، لكن هذا موقفنا الرسمي المعلن والثابت.وحول فتور علاقة السعودية مع حركة «حماس» قال: علاقاتنا مع «حماس» لم تكن على ما يرام ولم تكن جيدة، خصوصاً بعدما اتخذت الحركة مواقف مختلفة عقب محاولتنا التوسطَ بينها وبين السلطة الفلسطينية في عام 2006.. فقد أخلت بالاتفاق وانتهكته ولم تلتزم به، ومنذ ذلك التاريخ ساءت علاقاتنا معها.
وقال إن ذلك لا يعني أننا نريد أن نرى تدمير الفلسطينيين في غزة لأننا نختلف مع «حماس»، كما يزعم بعضهم، بل إن جميع بيانات السعودية واضحة في تشديدها على ضرورة إنهاء الحرب، وإنشاء ممر آمن وسريع لإيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، وإعادة بناء غزة. وبهذا التصريح، أوضح الأمير تركي الفيصل، السياسي والدبلوماسي المخضرم والمعروف بجرأة آرائه ووضوحها، موقف بلاده مما يجري ويحدث.