: آخر تحديث

بتوقيت ستالينغراد

18
18
19
مواضيع ذات صلة

هناك معارك فاصلة غيّرت مسار التاريخ، وأحدثت فيه انعطافات ربما ما كانت ستكون لولاها، ولكي لا نغرق في التاريخ البعيد، لنكتفِ بمعارك الحرب العالمية الثانية التي انتهت بهزيمة ألمانيا الهتلرية، وهنا أيضاً لن نقف عند كل المعارك الفاصلة فيها، وسنكتفي باثنتين، أولاهما معركة النورماندي، والثانية معركة ستالينغراد.

دارت معركة النورماندي في الفترة بين يونيو/ حزيران، وحتى أغسطس/ آب عام 1944، بين ألمانيا وقوات الحلفاء، وبلغ عدد الضحايا فيها نحو 790 ألفاً، ويجري الاحتفال بها حتى اليوم في السادس من يونيو/ حزيران، وبدأت بدخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب، حين هبطت نحو 1200 مركبة برمائية على شواطئ النورماندي الفرنسية، بدعم من الطائرات المقاتلة والمدفعية البحرية، وخلال شهرين من الزمن تمّ أسر وقتل معظم الجنود الألمان المشاركين فيها.

أما المعركة الثانية والتي فاقت الأولى كثيراً في عدد ضحاياها الذي بلغ نحو 1.8 مليون ضحية، فهي معركة ستالينغراد، نسبة إلى الاسم الذي أطلق على المدينة الروسية التي دارت فيها، وتعرف اليوم باسم فولغاغراد، وشارك فيها أكثر من 2.2 مليون مقاتل من الجانبين السوفييتي والألماني، قتل أكثر من نصفهم، وانتهت بهزيمة نكراء للألمان، وقلبت هذه المعركة التي استمرت من أغسطس/ آب 1942، حتى فبراير/ شباط، 1943، ميزان القوى لغير مصلحة هتلر وقواته، وبعدها لم يستطع تحقيق أي نصر استراتيجي.

حرص الزعيم الروسي فلاديمير بوتين أن يخاطب الغرب من ستالينغراد بالذات، في الاحتفال بالذكرى الثمانين لانتصار بلاده في تلك المعركة، في توقيت مدروس يتزامن مع موافقة ألمانيا ودول غربية أخرى على تزويد أوكرانيا بدبابات متطورة، يعوّل الأوكران والغربيون على أنها ستحدث فرقاً لمصلحتهم في الحرب الجارية. من أراضي المدينة التي هزم فيها الروس الألمان توعد بوتين الغرب بالردّ على تزويد أوكرانيا بالدبابات، قائلاً «مرة أخرى، يريد خلفاء هتلر محاربة روسيا على الأراضي الأوكرانية باستخدام باندرفوتسي». وهو اسم أطلق على أنصار القومي المتطرّف الأوكراني ستيبان بانديرا (1909-1959) الذي تعاون مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وفي لهجة وعيد قال بوتين: «أولئك الذين يتوقّعون هزيمة روسيا في ساحة المعركة، لا يفهمون أنّ حرباً معاصرة مع روسيا ستكون مختلفة تماماً.. نحن لا نرسل دبّاباتنا إلى حدودهم، لكن لدينا ما نردّ عليهم به».

ها نحن، إذن، إزاء فصل جديد قادم من هذه الحرب، أكثر عنفاً وحسماً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد