إيلاف من الرباط: أثار تضارب التصريحات بين مسؤولي الأغلبية الحكومية المغربية حول قيمة الدعم المخصص لمستوردي الأغنام والأبقار وعدد المستفيدين منه جدلاً واسعاً، ما دفع بعض الأطراف السياسية إلى المطالبة بإجراء تحقيق رسمي يكشف تفاصيل هذا الدعم وطريقة تدبيره ومدى تأثيره على أسعار اللحوم في الأسواق المغربية.
العلمي ينفي تصريحات بركة
في لقاء صحافي ليلة الجمعة بالرباط، نفى راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار،قائد التحالف الحكومي، بشكل قاطع صحة التصريحات التي أدلى بها نزار بركة،وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب الاستقلال، والتي أشار فيها إلى أن الحكومة خصصت 1.3 مليار درهم (حوالي 130 مليون دولار) لدعم مستوردي الأغنام والأبقار.
نزار بركة
وأكد العلمي أن المبلغ الحقيقي المصروف لم يتجاوز 300 مليون درهم (حوالي 30 مليون دولار)، موزعاً على عدد من المستوردين في إطار إجراءات حكومية لضبط السوق. واعتبر أن "تصريح بركة كان بصفته الحزبية وليس الحكومية، حيث أدلى به خلال تجمع لحزب الاستقلال"، وقال "في تجمعات الأحزاب، كل شخص يدلي بالتصريح الذي يناسبه".
وفي معرض رده على شكاوى المواطنين من ارتفاع أسعار الأغنام المستوردة، خلال العام الماضي، إلى 4000 و4500 درهم للرأس الواحد (400-450 دولار)، أوضح العلمي أن هذه الأسعار كانت هي النتيجة المتوخاة من عملية الدعم، معتبراً أن "في العالم بأسره، لا أحد يمكنه شراء خروف بـ5000 درهم (500 دولار)، كيفما كان نوعه". وأشار إلى أن انخفاض أعداد القطيع، دفع الحكومة لاتخاذ قرار دعم استيراد الأغنام بهدف الحد من ارتفاع الأسعار وتوفير الأضاحي للطبقات المتوسطة والضعيفة، مؤكداً أن "الوصول إلى أسعار تتراوح بين 4000 و4500 درهم كان هدفاً مخططاً له مسبقاً". كما شدد على أن "إخراج القرار من سياقه قد يؤدي إلى تأويلات غير دقيقة".
البرلمان على خط أزمة تضارب الارقام
في ظل تصاعد الجدل، تتزايد المطالب داخل الأوساط السياسية بضرورة تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، من أجل الكشف عن أوجه القصور في تدبير هذا الملف، وتحديد الجهات التي استفادت من الدعم دون تحقيق الأهداف المرجوة.
وبصفته رئيسا لمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، أشار العلمي إلى أن البرلمان "ليس في دورة انعقاد حاليًا، لكن رؤساء الفرق البرلمانية قدموا طلبات لإجراء مهمات استطلاعية داخل لجنة القطاعات الإنتاجية". وأضاف أن مكتب مجلس النواب ناقش الأمر، لكن الاجتماع لم يكتمل، وسيتم التطرق إليه مجدداً.
نزار بركة يكشف المضاربات في سوق الأضاحي
من جهته، كشف نزار بركة، خلال لقاء تلفزيوني رسمي، عن وجود فساد كبير في سوق الأضاحي، مشيراً إلى أن الوسطاء حققوا أرباحاً غير أخلاقية بلغت حوالي 1.3 مليار دولار أمريكي، من خلال التحكم في أسعار الأضاحي العام الماضي.
وأوضح بركة أن عمليات الاستيراد كشفت عن تفاوت كبير في الأسعار، حيث تم استيراد الكبش الواحد بقيمة 2000 درهم (200 دولار)، بينما تم بيعه في الأسواق بسعر يصل إلى 4000 درهم (400 دولار)، أي بزيادة 100% عن قيمته الأصلية. ووصف هذه الممارسات بأنها غير مقبولة اقتصادياً وأخلاقياً، وأنها تثقل كاهل الأسر المغربية.
ومع تصاعد التوتر بين قيادات الأغلبية الحكومية، طالبت عدد من فرق المعارضة بفتح تحقيق برلماني لتحديد المسؤوليات، حتى لا يظل هذا الملف في إطار تبادل التصريحات والتبريرات؟.
ويرى مراقبون أن هذه القضية تمثل اختباراً جديداً للتحالف الحكومي، خاصة في ما يتعلق بمدى التنسيق بين مكوناته في معالجة الملفات الاقتصادية الحساسة، وسط تساؤلات عن مدى استعداد الحكومة لاتخاذ إجراءات صارمة لضبط السوق والحد من نفوذ المضاربين.