: آخر تحديث
مصطلح غامض وتفسيراته مربكة

من ينفذ إبادة جماعية.. إسرائيل أم حماس؟

43
55
40

إيلاف من بيروت: تشعر العديد من الحكومات بالفزع إزاء الخسائر في صفوف المدنيين نتيجة القصف الإسرائيلي واجتياح غزة، في الرد على هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر. في 10 أكتوبر نفسه، وصف رياض منصور، المبعوث الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، تصرفات إسرائيل بأنها "ليست أقل من إبادة جماعية"، كما اتهمت إيران والعراق إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية. 

من الناحية السياسية، واضح لماذا يتذرع أعداء إسرائيل بهذه الجريمة البشعة، لكن هذا الادعاء صدر أيضًا عن دول كانت في العادة صديقة لإسرائيل. سحبت كولومبيا وهندوراس وجنوب أفريقيا سفراءها من تل أبيب، متهمة حكومتها بارتكاب "إبادة جماعية".

وبحسب "إيكونوميست"، يستخدم المتظاهرون في الغرب هذا المصطلح أيضًا. قال مهند عياش، أستاذ علم الاجتماع في جامعة ماونت رويال في كالغاري بكندا: "واضح الآن أن إسرائيل متورطة في إبادة جماعية للشعب الفلسطيني". وكتب كريغ مخيبر، مدير مكتب نيويورك لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في 28 أكتوبر أن "هذه حالة إبادة جماعية نموذجية". 

نفت إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية واتهمت حماس بارتكاب هذه الجريمة. قال جلعاد إردان، مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، في 26 أكتوبر إن "هذه ليست حربًا مع الفلسطينيين، بل هي حرب مع الفلسطينيين. فإسرائيل في حالة حرب مع منظمة حماس الإرهابية التي تمارس الإبادة الجماعية".

ما هي الإبادة الجماعية؟

في ديسمبر 1948، بعد الحرب العالمية الثانية، اعتمدت الأمم المتحدة اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. وتعرّف الاتفاقية الإبادة الجماعية بأنها الأفعال التي تهدف إلى "تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، كليًا أو جزئيًا". خلافاً للفهم الشائع لهذا المصطلح، الأمم المتحدة تقول إن عدد القتلى لا يحدد ذلك. فإن "إخضاع الجماعة عمدًا لظروف معيشية بقصد تدميرها الجسدي" محسوب أيضًا، وكذلك إلحاق "أذى جسدي أو عقلي جسيم"، و"التدابير الرامية إلى منع الولادات"، و"نقل أطفال الجماعة قسراً إلى جماعة أخرى". إن لتصنيف الفظائع في باب إبادة جماعية آثار قانونية، فالمحكمة الجنائية الدولية قادرة على توجيه الاتهام لشخص ما بارتكاب الجريمة.

تقول "إيكونوميست" إن تفسيرات الاتفاقية تختلف لأنها مؤطرة على نطاق واسع. إذًا، ما هي الفظائع التي تشكل إبادة جماعية؟ كان القتل المنهجي لستة ملايين يهودي على يد النازيين إبادة جماعية، وكانت المذبحة المنظمة التي راح ضحيتها ما يقرب من 500 ألف من عرقية التوتسي بيد ميليشيات الهوتو في رواندا في عام 1994 هي إبادة جماعية. وفي كلتا الحالتين، كانت نية تدمير الشعب واضحة. إلا أن حالة دارفور في السودان، حيث مات نحو 300 ألف شخص في السنوات التي أعقبت اندلاع القتال هناك في عام 2003، أقل وضوحاً. ووصفت أميركا ما حصل هناك بأنه إبادة جماعية. لكن، في عام 2005، خلصت لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى أن الحكومة السودانية "لم تنتهج سياسة الإبادة الجماعية". ووصفت إدارة دونالد ترمب معاملة الحكومة الصينية للأويغور في شينجيانغ بأنها إبادة جماعية، لكن آخرين رفضوا هذا التوصيف. 

حماس نعم.. إسرائيل لا!

بحسب "إيكونوميست"، حماس منظمة تهدف إلى الإبادة الجماعية، "إذ يلزمها ميثاقها التأسيسي، الذي نشر في عام 1988، صراحة بمحو إسرائيل، وتنص المادة السابعة فيه على أنه ’لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ويقتلوهم‘. وترفض المادة 13 أي تسوية أو سلام حتى يتم تدمير إسرائيل. إن مقاتلي حماس الذين اقتحموا إسرائيل في 7 أكتوبر وقتلوا أكثر من 1400 إسرائيلي كانوا ينفذون نص قانون الإبادة الجماعية".

على النقيض من ذلك، ودائمًا بحسب "إيكونوميست"، فإن إسرائيل لا تقع ضمن باب الإبادة الجماعية. ليس هناك سوى القليل من الأدلة التي تشير إلى أن إسرائيل، مثل حماس، تعتزم تدمير الفلسطينيين. إن إسرائيل تريد تدمير حماس، وهي مستعدة لقتل المدنيين في سبيل ذلك. وبينما قد يرغب بعض المتطرفين الإسرائيليين في استئصال الفلسطينيين، فإن هذه ليست سياسة حكومية. كما لا يظهر الإسرائيليون أي نية واضحة لمنع الولادات الفلسطينية. لكن أولئك الذين يتهمونها بالإبادة الجماعية يشيرون إلى العدد الكبير من المدنيين الذين قتلوا، على الأقل 11,000 حتى الآن، ويزعمون أن حصارها للقطاع يلبي معيار "ظروف الحياة". واضح أن الإسرائيليين ألحقوا "أذى جسديا أو عقليا خطيرا" بالفلسطينيين، كما قاموا بتهجير الناس من شمال القطاع.

وحتى لو لم تتجاوز تصرفات الجيش عتبة الإبادة الجماعية،  فإن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي تم ارتكابها، قد لا تكون أقل خطورة وبشاعة من الإبادة الجماعية.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مجلة "إيكونوميست" البريطانية


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار