أعلن زعيم حركة العدل والمساواة السودانية، جبريل إبراهيم، في تصريحات خاصة لبي بي سي أن جماعته "لم تعد قادرة على البقاء على الحياد" في ظل الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وأضاف أن الحركة ستدعم الجيش للحفاظ على وحدة السودان وحماية المدنيين خاصة في دارفور.
يأتي ذلك في وقت طالب السودان منظمة الأمم المتحدة بضرورة "إنهاء فوري" لمهمة بعثتها السياسية في البلاد، المعروفة باسم بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان "يونيتامس".
وأعلن علي صادق، القائم بأعمال وزير الخارجية السوداني لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، خلال مؤتمر صحفي أن السودان بعث رسالة طالب فيها المنظمة الدولية يوم الخميس بضرورة "الإنهاء الفوري" لعمل بعثتها السياسية في البلاد "يونيتامس".
وكتب صادق، في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وُزعت على مجلس الأمن الدولي: "(حكومة) السودان طلبت من الأمم المتحدة إنهاء مهمة يونيتامس فورا. وفي الوقت نفسه، نود أن نؤكد لكم أن حكومة السودان ملتزمة بالتعامل بشكل بنّاء مع مجلس الأمن والأمانة العامة".
وأضاف: "كان الهدف من إنشاء البعثة هو مساعدة الحكومة الانتقالية في السودان بعد ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018"، مشيرا إلى أن أداء البعثة في تنفيذ أهدافها "كان مخيبا للآمال".
- الحرب في السودان: "حياتنا أصبحت قطعة من الجحيم !"
- السودان: هل اقتنع البرهان وحميدتي بعدم إمكانية الحسم العسكري؟
وردا على سؤال للمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، يستوضح القرار الذي اتخذه السودان، قال إن الرسالة وصلت ووُزعت على مجلس الأمن.
وكان فولكر بيرتس، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى السودان، قد أعلن استقالته في سبتمبر/أيلول الماضي ، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من إعلان السودان أنه غير مرحب به بعد تحول الخلافات بين الفصائل المتناحرة إلى حرب.
وكانت الحرب قد اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، في 15 أبريل/نيسان، بعد أسابيع من تصاعد حدة التوتر بين الجانبين بشأن خطة كانت تهدف إلى دمج القوات لصفوف الجيش في إطار خطة انتقال من الحكم العسكري إلى نظام ديمقراطي مدني.
"المعارك تمتد إلى مناطق جديدة"
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت الخميس من أن الصراع في السودان، الذي خلف آلاف القتلى فضلا عن تشريد سبعة ملايين شخص على مدى سبعة أشهر، يمتد إلى مناطق جديدة في البلاد، فضلا عن مخاوفها من تصاعد "كارثة إنسانية".
وقالت المنظمة الدولية إن الصراعات الدامية تشمل اندلاع أعمال عنف عرقية وهجمات ضد النساء.
وأعربت الدبلوماسية، مارثا أما أكيا بوبي، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الأفريقية، خلال اجتماع لمجلس الأمن عن قلقها إزاء تدهور الأزمة، قائلة للأعضاء: "يواجه السودان كارثة إنسانية متفاقمة وأزمة حقوق إنسان كارثية".
وقالت بوبي: "امتدت الأعمال العدائية إلى مناطق جديدة، مثل ولايات الجزيرة والنيل الأبيض وغرب كردفان، مما يعرض المزيد من المدنيين للخطر وكذلك العاملين في المجال الإنساني".
- تفشي حمى الضنك في القضارف السودانية.. نذر وباء وشح في الأدوية
- كيف دخلت تقنية الذكاء الاصطناعي في الحرب الدائرة بالسودان؟
وأضافت أن قوات الدعم السريع حققت مكاسب عسكرية كبيرة في دارفور في الفترة من 26 أكتوبر/تشرين الأول إلى الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بعد أن سيطرت على قواعد للجيش السوداني في نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وزالنجي في وسط دارفور، والجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
وأضافت: "ورد أن الأطراف المتصارعة نفذت هجمات عشوائية، بينما شنت أيضا هجمات مستهدفة ضد مدنيين، في انتهاك واضح للقانون الإنساني الدولي".
وتتهم منظَمات حقوقية الجيش السوداني بشن "غارات جوية عشوائية على مناطق سكنية تتسبب في مقتل مدنيين". كذلك تتهم المنظَّمات نفسها قوات الدعم السريع والميليشيات الداعمة لها بارتكاب "جرائم قتل جماعي واغتصاب وتعذيب".
"الشر المطلق"
كان طرفا الصراع في السودان قد استأنفا مفاوضات أواخر الشهر الماضي في مدينة جدة بوساطة سعودية وأمريكية.
وقالت بوبي إنه في الوقت الذي أعرب فيه الطرفان عن استعدادهما للتفاوض بشأن وقف إطلاق النار، تفاقمت حدة المعارك على الأرض.
وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمانتين نكويتا سلامي، في وقت سابق، إن العنف في السودان يقترب من "الشر المطلق".
وأضافت: "يجب أن نعمل على توصيل المساعدات الإنسانية بالرغم من كل هذه التحديات الكبيرة".
وطالبت طرفي النزاع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالوقف الفوري وطويل الأمد للأعمال العدائية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية للمتضررين في مختلف أرجاء البلاد.
- قوات الدعم السريع تتهم الجيش السوداني بقصف سفارة إثيوبيا في الخرطوم
- الحرب في السودان: كيف أصبح إسلاميون محسوبون على نظام البشير طرفاً فاعلاً في القتال؟
وأضافت: "نريد أن تصمت أصوات البنادق، ونحتاج لوقف لإطلاق النار يسمح لنا بايصال المساعدات الإنسانية للمتضررين وتقييم حجم الاحتياجات، والأهم من ذلك نحتاج إلى وقف دائم لإطلاق النار، نريد لهذا القتال أن يتوقف لإيصال المساعدات وليتمكن السودانيون من مواصلة حياتهم الطبيعية".
وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه بعثات المساعدات، حصل نحو 4.1 مليون شخص على مساعدات إنسانية في الأشهر السبعة الماضية، بيد أن ذلك لا يمثل سوى 22 في المائة من الأشخاص الذين تهدف المنظمات الإنسانية إلى مساعدتهم خلال العام الجاري.
وتشير تقديرات منظمة "مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها (أكليد)"، غير الحكومية المعنية بإحصاء ضحايا النزاعات، إلى أن الصراع الذي اندلع بين قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، أسفر عن سقوط ما يزيد على 9 آلاف قتيل، بيد أنه ثمة اعتقاد بأن الرقم أقل بكثير من الأرقام الفعلية.
وتريد قوات الدعم السريع السيطرة على دارفور، وتخشى الأمم المتحدة من حدوث "إبادة جماعية" جديدة محتملة بعد تلك التي ارتكبها الجنجويد في السابق لصالح الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير.
ويعاني السودان من أوضاع اقتصادية صعبة للغاية وبنية تحتية متهالكة. وجاء الصراع الأخير ليزيد من معاناة السودانيين ومن تردي أوضاعهم الأمنية والمعيشية.