إيلاف من لندن: على مشارف بلوغه العام الرابع والثمانين، رحل يوم السبت عبد العاطي العبيدي، السياسي الليبي المعروف، الذي كان في صفوف أوائل مدنيي ليبيا، وخصوصاً منهم المشتغلين في المجال الأكاديمي، الذين لم يترددوا في الوقوف إلى جانب العقيد معمر القذافي، وتأييد الانقلاب العسكري، حين أطاح حكم الملك محمد إدريس السنوسي، يوم أول سبتمبر (إيلول) عام 1969. قبل ذلك، كان العبيدي، المولود في مدينة الأبرق، إحدى المدن الهادئة في شرق ليبيا، يوم 10 أكتوبر (تشرين أول) 1939، قد بدأ صعود السلم الوظيفي حين تولى منصب عميد كلية التجارة في جامعة بنغازي، ثم موقع رئيس الجامعة ذاتها.
مع بدء الانخراط في العمل الثوري ضمن نشاط اللجان الشعبية، انطلق نجم عبد العاطي العبيدي، وشق طريقه وسط ضجيج انطلاق مرحلة ما أطلق عليه معمر القذافي "الثورة الثقافية"، التي أعلنها خلال خطاب زوارة عام 1973، من منطلق إلغاء كل القوانين المعمول بها، آنذاك، وتسليم "كل السُلطة للشعب"، كما ردد القذافي، فتسلم العبيدي عدداً من مواقع المسؤولية المتقدمة، وتوج تلك المواقع حين انتخب من أعضاء مؤتمر الشعب العام (البرلمان) لتولي مسؤولية أمانته العامة، أي ما يعرف في الدول عادة بمنصب رئيس الدولة، وبقي يشغل هذا المنصب من مارس (آذار) 1977 إلى يناير (كانون الثاني) 1981.
طوال السنوات التي تلت، تولى العبيدي مناصب قيادية تراوحت من أمانة اللجنة الشعبية العامة، أي رئاسة الوزراء، إلى وزير الخارجية، وموقع سفير ليبيا في كل من تونس وإيطاليا. عندما وصلت موجة "الربيع العربي" إلى ليبيا في فبراير (شباط) عام 2011، أصر العبيدي على الاستمرار في البقاء إلى جانب معمر القذافي، إلى أن اعتُقل غرب طرابلس في يونيو (حزيران) عام 2013. حوكم عبد العاطي العبيدي أمام محكمة استئناف غرب طرابلس، التي أصدرت الحكم ببراءته من التُهم التي وُجهت إليه في الثامن والعشرين من يوليو (تموز) عام 2015. بعد صدور الحكم، عاد العبيدي إلى الأبرق ليقضي فيها بقية العمر، حتى مفارقته الحياة.