بعد نحو تسعة أشهر من توليه منصبه، أصدر رئيس الوزراء العراقي أمرًا بإجراء تغييرات وُصِفَت بالجذرية في مناصب كبار المسؤولين في جهازي الأمن الوطني والاستخبارات.
خطوة قال عنها المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول انها جاءت عملا بالبرنامج الحكومي وأولوياته المتعلقة بالإصلاح الإداري للمؤسسات الأمنية، وتهدف الى ضخ دماء جديدة في القطاع الأمني ومن ثم رفع كفاءة المنظومة الأمنية.
ومنذ توليه منصبه في ظل السوداني يؤكد على ان الاستقرار الأمني للعراق يعد في طليعة اهتمامات الحكومة الجديدة.
وخلال الفترة السابقة دأب رئيس الوزراء العراقي على متابعة الملف الأمني شخصيًا ليس فقط باعتباره اعلى رتبة عسكرية في العراق ولكن من اجل رسم صورة امنية مستقرة تشجع على الاستثمار وهو ما حدث بالفعل من خلال عودة المستثمرين الأجانب والعرب إلى العراق لما بات يتمتع به من أمن واستقرار.
وقد كان شهر ديسمبر كانون الأول الماضي من اكثر الشهور التي شهدت ارتفاعًا في هجمات التنظيم في العراق، وتكبدت خلاله قوات الامن خسائر بشرية ومادية دفعت السوداني، الذي لم يكد يمر شهران على توليه المسؤولية، الى اصدار قرارات تقضي بتغيير بعض القيادات الميدانية وتعيين آخرين لديهم القدرة على دحر إرهاب داعش، أهمهم الفريق الركن "قاسم نزال" الذي تم تكليفه لتولي مهام مساعد رئيس أركان الجيش العراقي.
السوداني مجتمعًا بقيادات عسكرية
تراجع هجمات داعش
وكانت نتيجة تحركات السوداني العاجلة وقتها ان تراجعت هجمات التنظيم واصبح هو من يتكبد الخسائر المتتالية والتي بلغت وفقًا للمتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة للجيش اللواء تحسين الخفاجي، 155 عنصرا وتدمير اكثر من 300 نفق، في الأشهر السبعة الأولى من عمر الحكومة العراقية.
وبفضل هذه التحركات شهدت هجمات داعش ذلك التراجع الملحوظ، خصوصًا في مناطق نشاطه المعتادة وهي محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين والأنبار ونينوى والتي كانت من أكثر المحافظات التي تُسجّل أعمال عنف في البلاد. ولابد ألا ننكر أيضا ان هذا الإنجاز لم يكن ليتم لولا استجابة القادة الأمنيين ومنهم من تم تغييره أخيرا وهو ما دفع رئيس الوزراء على شكرهم وتثمين الجهود التي بذلوها خلال مدة خدمتهم في الجهاز الأمني.
لقطة لضحايا الهجمات في العراق
مستشارون
ولطالما شدد السوداني للقادة الأمنيين على ضرورة اتباع أساليب غير تقليدية لمواجهة عناصر التنظيم بما يضعف قدرتهم ويحد من تحركاتهم، وربما كان هذا احد الأسباب وراء التغييرات الأخيرة، اذ ان القيادات الجديدة من بينها الكثير من العناصر الشابة التي يمكنها العمل بنشاط وابداع نحو مزيد من الاستقرار الأمني. وكذلك لن يتم استبعاد من خرجوا من الخدمة كليا اذ، وفي اجراء يحدث للمرة الأولى، سيعينون كمستشارين للاستفادة من خبراتهم في مجال بالغ الحساسية ويتطلب تكاتف الجميع لدحر الإرهاب.
ومن ابرز من الأسماء التي وردت في التغيرات أبو علي البصري الذي أصبح رئيسا لجهاز الأمن الوطني، فيما جرى إنهاء تكليف حميد الشطري من وكالة جهاز الأمن الوطني واستبداله بأحمد الطيار، وإنهاء تكليف فالح العيساوي الوكيل الثاني لجهاز الأمن الوطني واستبداله بمثنى العبيدي، وإنهاء تكليف ماجد الدليمي من جهاز المخابرات واستبداله بوقاص محمد، بينما تم نقل حميد الشطري وماجد الدليمي إلى مستشارية الأمن القومي.
وقد صرح مصدر حكومي لإيلاف بأن هذه التغييرات الأمنية التي أصدرها القائد العام للقوات المسلحة جاءت برؤية حكومية وليس فيها أي جنبة سياسية أو حزبية. وانها استهدفت أيضا أبعاد المؤسسات الأمنية الحساسة عن الاستثمار السياسي.
وأضاف المصدر ان الأسماء الجديدة هي من داخل رحم المؤسسات الأمنية وبعض الأسماء وصلت الى هذه المواقع بعدما حققت نجاحات واضحة في الجانب الأمني والاستخباري. وانها من الكفاءات ولم يسجل عليها أو ضدها أي ملاحظة.
استثمار الخبرات
وقد صرح د. حسين علاوي مستشار رئيس الوزراء بأن عملية التغيير في القيادة الأمنية إجراء طبيعي خصوصا أن التغيير من داخل المنظومة الأمنية، بالإضافة إلى أن القيادات الأمنية التي كانت تشغل المناصب الأمنية العليا في الأجهزة الأمنية تم استثمارها في تطوير وتعزيز العمل الأمني والاستخباري كونهم من الخبرات الوطنية التي عملت في فترات صعبة وخصوصا في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وأكد مستشار رئيس الحكومة أنه تكريما لهذه الجهود فإنه سيتم استثمارها في تعزيز بناء المؤسسات الأمنية والاستخبارية في ضوء مرحلة بناء السلام والتنمية التي تقودها الحكومة العراقية. وشدد على أن التغييرات تهدف إلى تطوير الجهاز الأمني إداريا وتعزيز الحوكمة والشفافية والخدمة العامة.
يشار إلى أن الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية بقيادة محمد شياع السوداني للارتقاء بالعراق لا تتعلق بقطاع الامن، فقط ولكن هذا القطاع ينبغي ان يظل نشطا ويقظا حتى يتمكن من التصدي لعدو يختبئ في الظلام ويتبع الغدر نهجًا لوقف مسيرة العراق الى الامام.