موسكو (أوكرانيا): توعّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الغربيين بـ"الردّ" على تزويدهم أوكرانيا دبّابات متطوّرة، في تهديد يأتي وسط تكهّنات بشأن تصعيد عسكري روسي جديد.
وفي احتفال بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على الجيش الألماني في ستالينغراد، قال بوتين إنّ "أولئك الذين يجرّون الدول الأوروبية، وبينها ألمانيا، إلى حرب جديدة ضدّ روسيا ويقدّمون ذلك، بشكل غير مسؤول، على أنّه أمر واقع، وأولئك الذين يتوقّعون هزيمة روسيا في ساحة المعركة، من الواضح أنّهم لا يفهمون أنّ حرباً معاصرة مع روسيا ستكون مختلفة تماماً".
وتابع الرئيس الروسي "نحن لا نرسل دبّاباتنا إلى حدودهم، لكن لدينا ما نردّ عليهم به، وهذا الأمر لن يقتصر على استخدام مدرّعات".
بيسكوف
من جهته، قال المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنّ روسيا "ستستخدم كلّ قدراتها" للردّ على إمدادات الأسلحة الغربية لأوكرانيا.
وفي الخريف الماضي، أدلى بوتين بتصريحات مماثلة فُسّرت يومها على أنّها تهديد باستخدام الأسلحة النووية.
وقال بيسكوف "عندما ستظهر أسلحة جديدة مقدّمة من (الغرب الجماعي)، ستستخدم روسيا كل القدرات التي تمتلكها للردّ" على إمدادات الأسلحة هذه.
وفي الخطاب الذي ألقاه الخميس في فولغوغراد، المدينة الواقعة في جنوب غرب البلاد والتي كانت تسمّى سابقاً ستالينغراد، اعتبر الرئيس الروسي أنّ التاريخ يعيد نفسه، مشبّهاً الحرب التي تخوضها قواته في أوكرانيا بتلك التي خاضتها القوات السوفياتية ضدّ الجيش النازي.
باندرفوتسي
قال بوتين إنّ "هذا أمر لا يصدق لكنّه حقيقي. نحن مهدّدون مجدّداً بدبّابات ليوبارد ألمانية (...) مرة أخرى، يريد خلفاء هتلر محاربة روسيا على الأراضي الأوكرانية باستخدام (باندرفوتسي)"، الاسم الذي أطلق على أنصار القومي المتطرّف الأوكراني ستيبان بانديرا (1909-1959) الذي تعاون مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية.
ومنذ بدأت قواته غزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، لا ينفكّ بوتين ينعت السلطات في كييف بـ"النازيين الجدد" الذي يرتكبون "إبادة" ضدّ السكّان الناطقين بالروسية في شرق البلاد.
وبعدما منحتها برلين الضوء الأخضر، تعهّدت دول غربية عدّة تزويد أوكرانيا دبّابات ليوبارد-2 الثقيلة الألمانية الصنع، كما التزمت ألمانيا نفسها تقديم عدد من هذه الدبّابات إلى كييف.
وبعد طول تسويف خوفاً من التسبب بتصعيد النزاع، وافق الغرب أخيراً على إرسال دبّابات حديثة إلى أوكرانيا، مثل ليوبارد-2 الألمانية، وأبرامز الأميركية، وتشالنجر البريطانية.
لكنّ كييف لم تحصل بعد على أيّ تعهّد بتزويدها صواريخ عالية الدقّة يزيد مداها عن 100 كيلومتر تقول إنّ قواتها تحتاج إليها لضرب الخطوط الخلفية للقوات الروسية.
ويعتقد العديد من المراقبين أنّ كلاً من كييف وموسكو يخطّط لشنّ هجمات جديدة مع انتهاء الشتاء وحلول الربيع.
وفي أعقاب سلسلة من النكسات الميدانية المهينة في الخريف، حشدت القوات الروسية مئات الآلاف من جنود الاحتياط وصعّدت من وتيرة هجماتها البريّة، ولا سيّما في شرق أوكرانيا.
والخميس، حذا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حذو وزير دفاعه أوليكسي ريزنيكوف، بقوله إنّ روسيا تحضّر لشنّ هجوم كبير جديد، في 24 شباط/فبراير المقبل في الذكرى السنوية الأولى لبدء الغزو.
وصرّح زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي مشترك في كييف مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بأنّ "روسيا تحشد قواتها، جميعنا يعلم ذلك. هي تريد الانتقام ليس من أوكرانيا فحسب، بل من أوروبا الحرّة أيضاً".
وكان وزير الدفاع الأوكراني حذّر الأربعاء من أنّ موسكو تستعدّ "بجدّية بالغة (..) لتجربة شيء ما بحدود 24 شباط/فبراير".
وفي الأسابيع الأخيرة حقّق الجيش الروسي بعض المكاسب الميدانية حول باخموت، المدينة الواقعة في شرق أوكرانيا والتي تحاول موسكو السيطرة عليها منذ الصيف.
وفي باخموت التي استحالت مدينة أشباح قالت لوكالة فرانس برس العجوز ناتاليا شيفتشينكو (75 عاماً) "إنسوا الغاز. لو كانت لدينا كهرباء، لكان كل شيء أسهل. ولكانت لدينا تدفئة والقدرة على الطهو".
وأضافت "الأسوأ هو أنّه لا تغطية (هاتفية). لا يمكنني الاتّصال بأسرتي".
ومع ذلك، لا تزال هذه العجوز تقيم في منزلها، على الرّغم من أنّ القصف المتواصل أجبرها على العيش تحت الأرض في قبو منزلها "مثل الخلد".
وفي كييف، أعلنت فون دير لايين أنّ الاتّحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على موسكو في الذكرى الأولى لبدء الغزو، مؤكّدة أنّ روسيا تخسر 160 مليون يورو يومياً بسبب تحديد سقف لسعر نفطها.
ولم تعط المسؤولة الأوروبية أيّ تفاصيل عن العقوبات المرتقبة.
من جهته، اتّهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقابلة تلفزيونية الأوروبيين بالسعي إلى "حلّ نهائي للمسألة الروسية".
وقال لافروف إنّ فون دير لايين "أعلنت أن نتيجة الحرب يجب أن تكون هزيمة روسيا (...) بحيث لا تتعافى لعقود"، متسائلاً "أليست هذه عنصرية ونازية ومحاولة لحلّ المسألة الروسية؟"، مشبّهاً ذلك ب"الحلّ النهائي للمسألة اليهودية"، المحرقة التي دبّرها النازيون.
من جانبه، قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس إنه لا يستبعد إمداد أوكرانيا بطائرات مقاتلة، لكنّه اعتبر أنّ هذا العتاد ليس "عصا سحرية" قادرة على تغيير مسار الحرب بسرعة.
وفي فيينا، أعرب برلمانيون من عشرين دولة عن رغبتهم في حظر مشاركة الوفد الروسي في اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المقرّر عقده نهاية الشهر في العاصمة النمسوية.