رفح (الاراضي الفلسطينية): دخلت شاحنات وقود قطاع غزة الاثنين مع صمود الهدنة التي تم التوصل إليها بوساطة مصرية بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي الليل الماضي، بعد جولة عنف جديدة أسفرت عن مقتل عشرات الفلسطينيين.
وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس عند معبر كرم أبو سالم للبضائع في جنوب غزة، شاحنات محملة بالوقود تدخل غزة، لتنهي بذلك نقصًا حادًا أدى إلى إغلاق محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع السبت.
أتى وصول الإمدادات الحيوية في أعقاب تنفيذ وقف إطلاق النار الأحد اعتبارًا الساعة 20,30 بتوقيت غرينيتش، منهياً أسوأ قتال في غزة منذ الحرب التي استمرت 11 يومًا العام الماضي وألحقت دماراً هائلاً في في القطاع.
وأفادت وزارة الصحّة في غزّة عن مقتل 44 فلسطينياً بينهم 15 طفلاً، وإصابة أكثر من 360 جريحًا في القطاع، بعد جولة عنف استمرّت ثلاثة أيّام قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ.
على الرغم من وقوع سلسلة من الضربات والهجمات الصاروخية في الفترة التي سبقت دخول الهدنة حيز التنفيذ، لم يُبلّغ أيّ طرف عن أيّ خرق جدي لها حتى الآن.
تنفيذ الهدنة
وأعلن منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية اللواء غسان عليان، عن " فتح المعابر بين إسرائيل وقطاع غزة بشكل إنساني ابتداء من الساعة التاسعة صباحاً" من يوم الاثنين (السادسة ت غ).
وقال في بيان مقتضب أنه "سيتم فتح المعابر والعودة إلى الروتين الكامل".
من جهته قال الجيش في تغريدة "سيستمر رفع القيود تدريجاً بالتزامن مع تقييم الوضع".
وقال مدير معبر كرم أبو سالم بسام غبن "من المتوقع أن يقوم الاحتلال بإدخال 30 شاحنة محملة بالوقود لشركة توليد الكهرباء بغزة خلال اليوم".
ومن المتوقع أن تعاود شركة الكهرباء عملها مساء الاثنين وفقاً للشركة.
واستؤنفت الدراسة في جامعات غزة الاثنين.
وقُبيل سريان الهدنة التي تمّ التوصّل إليها بوساطة مصريّة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه شنّ ضربات على مواقع للجهاد الإسلامي في غزّة "ردًا على صواريخ أطلِقت" على جنوب إسرائيل حيث دوّت صفّارات الإنذار.
وأكّد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد أنّ الهدنة دخلت حيّز التنفيذ وقال إنّ إسرائيل "تشكر لمصر الجهود التي بذلتها"، مشدّدًا على أنّه "في حال خُرق وقف إطلاق النار، تحتفظ دولة إسرائيل بحقّها في الرّدّ بقوّة".
كذلك، أكدت حركة الجهاد الإسلامي بدء سريان الهدنة، لكنّها شددت على حقّها في "الردّ على أيّ عدوان صهيوني".
ترحيب أميركي
ورحّب الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد بهذه الهدنة، حاضًّا جميع الأطراف على تنفيذها بالكامل.
وقال بايدن في بيان إنّ واشنطن عملت مع مسؤولين في الدولة العبريّة والسلطة الفلسطينيّة ودول مختلفة في المنطقة "للتشجيع على حَلّ سريع للنزاع" خلال الأيّام الثلاثة الماضية.
وشكر بايدن نظيره المصريّ عبد الفتاح السيسي على دور بلاده في التفاوض الذي أفضى إلى وقف إطلاق النار.
واعتبر بايدن أنّ "التقارير عن سقوط ضحايا مدنيّين في غزّة هي مأساة"، داعيًا إلى إجراء تحقيقات بشأنهم.
وفي بيان ، قال مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند، إن "الوضع لا يزال هشاً للغاية، وأنا أحث جميع الأطراف على احترام وقف إطلاق النار".
يلحظ اتّفاق الهدنة "التزام مصر العمل على الإفراج عن الأسيرَين (باسم) السعدي و(خليل) عواودة"، وفق ما أكّدت حركة الجهاد الإسلامي.
ضربات جوّية وبالمدفعيّة
بدء الجيش الإسرائيلي منذ الجمعة قصف القطاع المحاصر في "ضربة استباقيّة" بضربات جوّية وبالمدفعيّة الثقيلة استهدفت حركة الجهاد الإسلامي .
كذلك، قتل الجيش الإسرائيلي قياديّين من الحركة بينهم تيسير الجعبري في مدينة غزّة وخالد منصور في رفح جنوبيّ القطاع. التي اتّهمها بالتخطيط لهجوم وشيك. وردت الحركة باطلاق صواريخها اتجاه اسرائيل.
منذ الجمعة وحتّى الأحد، أطلِقت من القطاع مئات الصواريخ جرى اعتراض غالبيّتها. وأوقعت ثلاثة جرحى في إسرائيل. بحسب الجيش الإسرائيلي،
ودوّت صفّارات الإنذار في مدن عدّة، بينها تلّ أبيب وعسقلان، للتحذير من صواريخ، فهرع السكّان إلى الملاجئ.
وقال مسؤول دبلوماسي اسرائيلي رفيع المستوى في إحاطة صحافية الاثنين إن "معظم المدنيين الذين قتلوا في غزة قتلوا بصواريخ الجهاد الإسلامي" لأنها لم تصب هدفها أو عانت خللا عند الإطلاق.
وكان الجيش الإسرائيلي قال في وقت سابق بأنّ لديه أدلّةً "دامغة" على أنّ صاروخًا أطلقته حركة الجهاد الإسلامي تسبّب بمقتل عدد من الأطفال في جباليا في شمال غزّة السبت.
المواجهة الأعنف
والسبت، توقّفت محطة الطاقة الوحيدة في قطاع غزّة عن العمل، إثر نفاد الوقود، بعد أربعة أيّام على إغلاق إسرائيل معبرًا مع الجَيب الفلسطيني.
برّرت السلطات الإسرائيليّة ضربتها بالتخوّف من ردّ انتقامي للحركة على اعتقال القياديّ البارز في حركة الجهاد الإسلامي باسم السعدي في الضفّة الغربيّة المحتلّة في الأوّل من آب/أغسطس، فيما عواودة معتقل منذ كانون الأوّل/ديسمبر 2021.
في اليومين الأخيرين، اعتقلت القوّات الإسرائيليّة 40 عنصرًا في الحركة في الضفّة الغربيّة.
وهذه المواجهة هي الأعنف منذ حرب أيّار/مايو 2021 التي استمرّت 11 يومًا ودمّرت القطاع الساحلي الفقير، وأوقعت 260 قتيلًا في الجانب الفلسطيني بينهم مقاتلون، و14 قتيلًا في الجانب الإسرائيلي بينهم جندي، وفق السلطات المحلّية.