إيلاف من لندن: سيمثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أول خطوة من نوعها في تاريخه، وسيوجه ضربة جديدة الى الاتحاد المنقسم، بسبب ازمة الهجرة والاقتصاد الضعيف والتهديد المتنامي للتنظيمات "الارهابية".
حتى وإن قررت بريطانيا البقاء، فإن الوضع لا يمكن أن يبقى على حاله، اذ ان الموضوعات التي حركت حملة الاستفتاء، لقيت صدى في القارة العجوز التي فقدت على ما يبدو الثقة في إقامة فضاء اوروبي مثالي لما بعد الحرب.
قال رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك إنه "سيكون من الجنون التغافل عن الانذار المتمثل في الاستفتاء البريطاني". وخلال الايام التالية للاستفتاء، سيتعيّن على القادة الاوروبيين، الذين لم يتمكنوا من ايجاد حلول للازمات المتلاحقة خلال الاشهر الماضية، أن يتفقوا على النهج الذي سيتبعونه.
لكن مع الاتفاق على ضرورة التغيير، يقول المحاضر في جامعة كامبردج ومؤلف كتاب "الاتحاد الاوروبي: دليل المواطن" كريس بيكرتون: "اذا تأملتم في التفاصيل العملية سرعان ما ستكتشفون المشكلات".
مبادرات
تقول المحللة لدى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في بروكسل فيفيان برتوسو، "من الممكن جدًا ان يأتي رد فعل المؤسسات الاوروبية على شاكلة +العودة الى العمل، العودة الى الوضع الطبيعي+". ووعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاربعاء انه "ايًا كانت عليه النتيجة" سيتم اتخاذ مبادرات من اجل "تطوير البناء الاوروبي".
ويتوقع صدور مبادرة فرنسية المانية يمكن أن تتضمن عناصر تتحدث عن توجهات اوروبية مختلفة أو تكتفي بالتطرق الى السياسة الخارجية، نظرًا الى أن البلدين يختلفان بشأن اندماج منطقة اليورو.
بينما قال مسؤول كبير في منطقة اليورو طالبًا عدم ذكر اسمه إن "الفرنسيين والالمان سيعلنون مبادرة مشتركة، لكنها ستنحصر في مسائل الامن والدفاع. سيكون من الصعب جدًا الاتفاق على المسائل الاقتصادية خلال وقت قصير".
وفي حال بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الاوروبي، سيطلب رئيس وزرائها ديفيد كاميرون، كما قال سابقًا، مزيدًا من التعديلات المتعلقة بحرية التنقل، اضافة الى المسائل التي تم التفاوض بشأنها، واقرت في اتفاق مع الدول السبع والعشرين الباقية، في فبراير.
وقال كاميرون في حديث مع صحيفة "ذي غارديان": "لا اعتقد أن الاصلاحات ستتوقف في 23 يونيو، الاصوات المطالبة بالاصلاحات ستتعزز بعد الاستفتاء"، في حين يؤكد معسكر المغادرة من جانبه أنه قادر على التفاوض بشأن اتفاقات تجارية جديدة مع الاتحاد الاوروبي. وقال يونكر الاربعاء إن على السياسيين والناخبين البريطانيين أن يدركوا انه "لن تكون هناك مفاوضات جديدة".
دوامة سلبية
ويخشى العديد من العواصم الاوروبية من بروز دعوات الى تنظيم استفتاءات جديدة ايًا كانت نتيجة الاستفتاء البريطاني. واعلنت رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية اليمينية المتطرفة مارين لو بن أنها تأمل في تنظيم استفتاء في كل بلد حول الانتماء الى الاتحاد الاوروبي، لتضم صوتها الى الدنماركيين والهولنديين والسويديين، المشككين في جدوى هذا الانتماء.
لكن يخشى أن يكون للتصويت مع الخروج وقع الزلزال. إذ قال توسك إن ذلك لن يؤدي فحسب الى "انهيار الاتحاد الاوروبي، وانما الحضارة السياسية الغربية كذلك". لكن بيكرتون يقول إنها لن تكون ضربة قاضية، نظرًا الى الدور المركزي للاتحاد الاوروبي في الحياة السياسية الاوروبية، غير أن هذا قد يمهد الى تغيير جوهري باتجاه اتحاد اقل تجانسًا.
يضيف: "لا اعتقد انه سيزول على الفور، لكن على المدى الطويل، يمكن أن نشهد تراجعًا تدريجيًا، وظهور شيء ما مختلف". ويقول ينيس ايمانوليديس من مركز السياسة الاوروبية في بروكسل إن "الاتحاد الاوروبي هو الآن داخل دوامة سلبية، وبالكاد بدأ (الناس) يلاحظون التوجه السلبي (...) حتى التصويت لمصلحة البقاء لن يغيّر المزاج العام".