يدلي البريطانيون اليوم الخميس بأصواتهم حول عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي، في استفتاء تاريخي يشهد منافسة شديدة، ومن شأنه أن يحسم مستقبل البلاد ومستقبل الاتحاد الأوروبي.
إيلاف من لندن: بعد حملة قوية تمحورت حول الهجرة والازدهار الاقتصادي، سجل عدد قياسي من السكان بلغ 46.5 مليون شخص أسماءهم للمشاركة في الاستفتاء، اعتبارًا من الساعة 06:00 ت غ. وتعلن النتائج الأولية في ساعات الصباح الأولى من يوم الجمعة.
استفتاءات متضاربة
أظهر استطلاعان للرأي نشرا الأربعاء تقدمًا طفيفًا لمعسكر مؤيدي خروج البلاد، إلا أن استطلاعًا ثالثًا أشار إلى تقدم معسكر البقاء، مما يزيد من الغموض. في المقابل، تقول مكاتب المراهنات إن "البقاء" سيفوز حتمًا بـ76% في مقابل 24%.
يتعيّن على المشاركين في الاستفتاء الإجابة عن سؤال: "هل يجب أن تظل المملكة المتحدة عضوًا في الاتحاد الأوروبي أو أن تغادره؟"، ولديهم خيار بين خانتي "البقاء" أو "الخروج". التحدي لا يستهان به، وجميع القادة الأوروبيين تدخلوا لدعوة البريطانيين إلى البقاء، لأن خروج بلادهم يمكن أن يؤدي إلى تفكك الاتحاد الأوروبي.
وحذرت كل المؤسسات الدولية، من صندوق النقد الدولي إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، من أن خروج بريطانيا سيؤدي إلى عواقب سلبية على المدى البعيد، علاوة على التبعات الاقتصادية الفورية على البلاد، مثل التقلبات القوية في الأسواق واحتمال انهيار الجنيه الإسترليني.
كما إن خروج البلاد يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات سياسية مع رحيل محتمل لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون، الذي دعا إلى الاستفتاء، وخاض حملة من أجل البقاء في أوروبا. كما يمكن أن يؤدي خروج البلاد إلى تفكك المملكة المتحدة إذا قررت إستكلندا المؤيدة للاتحاد الأوروبي تنظيم استفتاء جديد حول استقلالها.
استعادة "الاستقلال"
وحث كاميرون، الذي راهن بمصادقيته على الاستفتاء حتى اللحظة الأخيرة، على البقاء، مشددًا على أن البلاد "ستكون أكثر ازدهارًا وقوة وثقة"، ومحذرًا من "القفز في المجهول... الذي لا رجعة فيه". ويؤيد حزب العمال المعارض والقوميون الإسكتلنديون البقاء في أوروبا، وكذلك حي الأعمال "ذي سيتي" في لندن، الذي يريد الاحتفاظ بمكانته كمدخل للشركات الأجنبية إلى الاتحاد الأوروبي.
في المعسكر المنافس، يقود رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون المحافظين المشككين بأوروبا، وبشّر البريطانيين بأيام أفضل بعد استعادة "الاستقلال" والتحرر من توجيهات الاتحاد الأوروبي، وبأنهم سيستعيدون السلطة على قوانينهم وماليتهم وحدودهم، وبالتالي على الهجرة.
وركز حزب يوكيب المعادي لأوروبا، والذي يتزعمه نايجل فاراج، حملته على الحدّ من الهجرة، إلا أنه أثار الصدمة، حتى بين صفوف مؤيديه، عندما نشر ملصقًا عليه صورة طابور من اللاجئين إلى جانبه "نقطة التحول: الاتحاد الأوروبي خذلنا جميعًا".
تجديد أم طلاق؟
وفي محاولة لوضع حد للانقسامات داخل حزبه المحافظ، أعلن كاميرون منذ يناير 2013 أنه سيجري الاستفتاء في حال أعيد انتخابه رئيسًا للوزراء، وهو ما حصل في العام 2015. وفي هذه الأجواء المشحونة، أثار مقتل النائبة جو كوكس قبل أسبوع على موعد الاستفتاء بيد رجل يطالب بـ"الحرية لبريطانيا" صدمة عارمة في البلاد، التي لا تزال تبحث عن أجوبة حول دوافع المأساة.
سيشكل الاستفتاء الخميس الفرصة لإثبات ما إذا كان القران، الذي عقد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في العام 1973، قابلًا للتجديد. والمملكة المتحدة ليست جزءًا من منطقة شنغن، ولا اليورو، وهي تشدد دائمًا على وضعها الخاص داخل الاتحاد، ويمكن أن تصبح أول دولة كبرى تقرر الرحيل عنه.