إيلاف من كان: ضمن فعاليات الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي الدولي، شهد قسم "كان كلاسيكس" اليوم العرض الأول عالميًا للنسخة المُرمّمة من الفيلم العراقي الكلاسيكي "سعيد أفندي" (1957) للمخرج كاميران حسني، في لحظة رمزية تمثّل عودة طال انتظارها للسينما العراقية إلى واحدة من أرفع التظاهرات السينمائية في العالم.
الفيلم، الذي يُعد من روّاد الواقعية الاجتماعية في تاريخ السينما العراقية، استند إلى قصة "الشجار" للكاتب إدموند صبري، ويروي حكاية "المعلم سعيد" الذي يُجبر على إخلاء منزله في بغداد، لينتقل مع أسرته إلى حي شعبي حيث يواجه تحديات اجتماعية حادة وصراعًا خفيًا بين القيم والتأقلم مع محيطه الجديد. بواقعيته الصادمة ولمسته الإنسانية، اعتُبر العمل لحظة مفصلية في تشكّل ملامح السينما الوطنية العراقية، بعيدًا عن النزعة التجارية التي طغت على إنتاجات الأربعينيات.
ويأتي العرض بعد ترميم شامل للفيلم بتقنية 4K، من قِبل المعهد الوطني السمعي البصري الفرنسي (INA)، اعتمادًا على النسخة السلبية الأصلية 35 مم وطبقة الصوت البصرية، وذلك ضمن مشروع "سينماتك العراق" الذي تأسس عام 2024 بدعم من وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية ومؤسسة Expertise France. وقد اكتمل الترميم في مطلع 2025.
ويحمل هذا العرض بُعدًا يتجاوز مجرد الاحتفاء بفيلم كلاسيكي؛ إذ يُعدّ لحظة استعادة لهوية بصرية ضاعت وسط الحروب والعزلة. فبعد عقود من التوقف القسري منذ التسعينيات بسبب الحروب والعقوبات، تعود السينما العراقية اليوم إلى الساحة العالمية، لا لتتنافس فقط، بل لتُعيد سرد قصصها بعيون الماضي ونبض الحاضر.
شارك في بطولة "سعيد أفندي" نخبة من نجوم الزمن الجميل في العراق، من بينهم يوسف العاني، جعفر السعدي، زينب حسني، عبد الواحد طه ويعقوب الأمين، ولاقى العمل حينها ترحيبًا نقديًا وجماهيريًا واسعًا، كما مثّل العراق في عدد من المحافل، منها مهرجان موسكو السينمائي الدولي عام 1959.