تحتفي الكويت في 26 فبراير 2023 نظاماً وشعباً بإطفاء الشمعة ال 32 على تحرير الكويت من الغزو العراقي، دون نسيان رسمي أو شعبي للدور الذي لعبته دول صديقة وشقيقة في تحقيق آمال كويتية وإنسانية مشروعة وعودة الشرعية لأرض الكويت.
يستحضر الشعب الكويتي بمناسبة ذكري تحرير الكويت الذكريات والمشاهد المؤلمة التي شهدتها أرض الكويت وأرواح الشهداء والابرياء التي سالت دمائهم أمام المنازل وفي المدارس وفي الشوارع وصور التعذيب البشعة التي لم تزل راسخة في ذاكرة البشرية.
بالرغم من فرحة التحرير الممتدة منذ العام 1991 في الكويت وخارجها حتى اليوم، إلا أنه لابد من مناقشة موضوعية لبعض الدروس غير المُستفادة من الغزو العراقي ولا تحرير الكويت، فالتاريخ لا يرحم من نسى أو يتناسى وخاصة من يهوى التزوير!
هناك من الشموع العربية والخليجية والأجنبية التي لا ينبغي نسيانها في ذكرى تحرير الكويت، فقد لعبت على سبيل المثال وليس الحصر أميركا وبريطانيا والمملكة العربية السعودية أدوراً مختلفة صنعت من خلالها تاريخ سياسي جديد لدولة الكويت.
واحد شموع التحرير التي لا ينبغي تجاوزها في دعم الحق الكويتي المشروع دولياً واقليمياً هو قيادات من المعارضة العراقية في عواصم شتى وخاصة بريطانيا، التي شهدت معارك إعلامية شرسة قادها الأخوة العراقيين ولعل أبرزهم البرلماني السابق الأخ العزيز فائق الشيخ علي.
وشمعة عراقية اخرى ندعو لها بالشفاء وهو الأخ وفيق السمرائي، الذي وثق بأمانة وصدق شهادته أمام محكمة الجنايات الكويتية في مقر المركز الإعلامي في لندن، وقد كان لي شرف التنظيم بتوجيهات من وزير الإعلام السابق د.سعد بن طفلة.
لست بصدد نكأ الجروح ولا اجترار قسوة العتب، ولكن لابد من قول الحقيقة دون مزايدات ولا انتقاص أو اجتزاء، ولعل توجيه اللوم إلى حكومة الكويت يعبر عن المسؤولية الشعبية المشتركة للتعلم من دروس الغزو والتحرير ترسيخاً لمستقبل واعد مع العراق الشقيق.
هناك أجيال كويتية وعراقية وعربية وإسلامية تجهل حقيقة وواقع ما دار قبل وبعد الغزو العراقي وبعد تحرير الكويت أيضاً، وهو ما يستوجب خطط إعلامية غير يتيمة وخطاب متوقد بالشفافية حتى لا تترمل الحقيقة.
ومن المهم بمكان أن تتخذ الحكومة الكويتية خطاباً ممنهجاً وبلغات العالم لتفنيد أكاذيب حركة الإخوان المسلمين الكويتية والتنظيم العالمي أيضاً عن الرسالة المزعومة لمرشد إخوان المسلمين مصطفى مشهور إلى مؤتمر جدة الشعبي الكويتي، التي لا أثر لها ضمن وثائق المؤتمر.
ومن المهم أيضاً إعادة النظر بالمناهج الدراسية في كل من العراق والكويت وبتعاون مشترك من جهات الاختصاص، فثمة الكثير من العمل المطلوب علمياً وعملياً في المدارس والجامعات ومراكز البحث الدولية والإقليمية لإعادة ترميم العلاقات الكويتية-العراقية على نحو يخدم مصالح البلدين.
ونتمنى من الحكومة العراقية التعاون المثمر في إنهاء ملف الحدود البحرية بين العراق والكويت وانجاح المباحثات الجارية حالياً بين البلدين حول هذا الملف الذي استنزف وقتاً سياسياً وجهداً دولياً دون أن نرى نهاية عادلة له.
انها مسؤولية رسمية على جميع الجهات والهيئات الدولية المعنية ذات الاختصاص والاهتمام وفي مقدمة الكل الكويت والعراق، فعملية بناء الأوطان لا تقوم على الركام ولا اختزال التاريخ.
أخيراً وليس أخراً، ينبغي أن تعيد حكومة الكويت الحسابات السياسية والأمنية في طبيعة المخاطر لتمدد التيارات الدينية المتشددة، فالغلو والإهاب الفكري أصبح هدفاً واضحاً لهذه التيارات الدينية بشقيها السني والشيعي وخاصة الإخوان والسلف، فالخطر الداهم في خطاب هذه التيارات.
ولا يجب أن نكتم الاستغراب من التهاون الرسمي إزاء ما يجري داخل الكويت من انتشار لخطاب الكراهية الذي يستهدف نشر بذور الطائفية ودعم دولة الملالي، إيران، التي تسعى إلى طمس حقيقة الانتفاضة الشعبية الإيرانية الحالية في كافة انحاء إيران.