إيلاف من أصيلة: تجدَدت الألوانُ على جدران الحي العتيق لمدينة أصيلة المغربية، بعدما أنجز فنانون وفنَانات مغاربة، جدارياتهم، تزامناً مع بدء موسمها الثقافي الدولي الـ 38.
وأضفت الجداريات التي تتزيَن بها أزقة أصيلة القديمة، على هذه المدينة التاريخية رونقاً خاصاً، جعلت الرسم حرفة أهلها، وهواية يتقاطر فنانون عالميون على هذه الحاضرة المغربية لممارستها.
فالبيوت أضحت للراسمين أوراقاً، والشوارع صارت تشبه بزهو ألوانها متاهات معرض تشكيلي مفتوح أمام العابرين، ما جعل أصيلة نفسها تصير "لوحة رسم كبيرة"، تسمح لكل المُبدعين الذين يزورونها بترك آثارهم على جدرانها.
وعلى الرَغم من صغر مساحتها وقلة عدد سكانها، تعتبر أصيلة (شمال المغرب) واحدة من أشهر المدن المغربية، لما يزخر به موسمها الثقافي، والذي يستضيف هذه السنة أزيد من 400 شخصية مرموقة في عالم السياسة والفكر والثقافة لمناقشة القضايا المهمة، العربية منها والعالمية.
ويقول محمد عنزاوي المشرف على ورشة الرسم والصباغة إن "الجداريات المرافقة للموسم منذ انطلاقه قبل 38 عاماً، غدت تقليداً إبداعياً تغلغل في وجدان سكان أصيلة، وأضفى على المدينة التاريخية، مشهداً جمالياً فريداً يتناغم مع بيوتها وأزقتها المقامة بروح أندلسية موريسكية فائضة".
وأضاف عنزاوي أن كل فنان يوقع في أصيلة لوحته، ليضاف إسمه إلى سجل المُبدعين الذين عبروا المدينة وتركوا فيها بصماتهم، فهذا المعرض في الهواء الطلق، يتجدد باستمرار، لتتألق معه روح المدينة ورونقها، بعد أن يعيش أهلها سنة كاملة مع رسوم تزين أحياءهم، يألفون التمعَن في تفاصيلها كل صباح، ويمنحون أيضاً في عام آخر إلى مُبدع آخر قادم من بلاد بعيدة، فسحة للرسم على الجدار ذاته، تبعاً لتصوره الخاص ولإحساسه بجماليات هذه المدينة.
وتابع: "كل واحدة من هذه الجداريات بصمة لفنان، كانت أصيلة مصدراً لإلهامه ومكانا خصباً تلتقي عنده الثقافات والأجيال وفرصة للتفاعل مع فنانين جدد".
بدورها، قالت الفنانة التشكيلية المغربية سناء السرغيني بأن مدينة أصيلة" مكانٌ هائل للقاء الناس، كما تفتح آفاقًا جديدة للاتصال بالفنانين ومشاهدة لوحاتهم وتبادل الآراء حول أعمالهم المشتركة، وما يخدم فنَنا هو الموقع نفسه، وجمال المدينة باعتبارها مصدراً للإلهام".
ولا يحتاج الرَسام في أصيلة إلى عُزلة، كما جرت العادة منذ قرون، بل إن رسَامي الجداريات في المدينة، يتقاسمون تفاصيل لوحاتهم ويتأملونها، وهي تتجلى على جدران الحي أو البيت أو الأزقة، على مرأى من الجميع، فتصير اللوحة مُشتركاً إبداعياً بين الفنان وجمهور واسع من أهل المدينة وزائريها.
وتعود فكرة الجداريات إلى عام 1978، مع انطلاق الدورة الأولى لموسم أصيلة الثقافي، حين قرر المنظمون توفير معدات وأدوات لفنانين تشكيليين، يتولَون مهمة تزيين المدينة، ولظروف مادية، ظلت أوراش الجداريات مقتصرة على الفنانين المغاربة، قبل أن يلتحق بهم فنانون قدموا من مختلف قارَات العالم للمشاركة في جدارياتها، ومع المواسم المتتالية سيتولد عن جداريات أصيلة تأسيس أول مشغل للفنون الحفرية في المغرب.
وستعرف أصيلة مدينة الفنون أيضاً خلال هذا الموسم إقامة مشغل للنحت تشرف عليه الفنانة المغربية إكرام القبَاج في ساحة محمد الخامس يوم 16 يوليو، وإقامة مشغل للحفر في قصر الثقافة (من 15 الى 28 يوليو) تحت إشراف الفنانتين التشكيليتين المغربيتين مليكة اكزناي وسناء السرغيني، ويشارك فيه فنانون وفنانات من فرنسا والجزائر والمغرب ومصر والأرجنتين واليابان.
وينظم في الفترة ذاتها مشغل للصباغة، تحت إشراف الفنان التشكيلي المغربي محمد عنزاوي، والذي سيشارك فيه فنانون من البحرين والأردن وأسبانيا والمغرب وفرنسا والسنغال وكوريا الجنوبية.
كما سيقام مرسم أطفال الموسم (من 15 الى 26 يوليو)، وذلك تحت إشراف الفنانة المغربية كوثر الشريكي والفنان البحريني علي حسن ميرزا، ومشغل كتابة وإبداع الطفل (24-27 يوليو)، الذي تشرف عليه الشاعرة المغربية إكرام عبدي، وسيتمحور موضوع هذا المشغل خلال هذه الدورة حول " الكتابة والتشكيل".
وعلى امتداد أيام الموسم، تنظم في رواق مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية وديوان قصر الثقافة عدة معارض مثل معرض "سبع فنانات تشكيليات,. وسبعة أبواب".(16-31 يوليو)، وذلك بمناسبة الذكرى الـ 70 على تأسيس المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان، كما سيتم تخصيص مشغل للفنانة المغربية أمينة اكزناي (ما بين 16 يوليو و 8 أغسطس) وهو عبارة عن فضاء كامل تعبّر فيه الفنانة عن مقاربتها الفنية من خلال ورشة عمل تشاركية، إضافة إلى معرض رسومات أطفال الموسم (16 يوليو - 8 أغسطس) ومعرض جماعي لفنانين شباب من أصيلة من 16 الى 28 يوليو برواق قصر الثقافة.