لا تُعدّ قضية هجرة الشباب من بلدان العالم الثالث إلى أوروبا وأميركا ظاهرة جديدة، لكن اتساع حجمها وصورها المؤلمة باتا يؤرقان الدول والمنظمات الدولية وحتى المجتمعات المصدّرة لهذه الهجرات لما تشكله من أضرار اجتماعية واقتصادية، حيث إن الشباب، وهم القوة الفاعلة في بناء التنمية والعمران، يشكلون أكثر من تسعين بالمئة من أعداد هؤلاء العابرين عبر قوارب الموت في البحار والمحيطات أو المتسللين من خلال الصحارى والحدود.
حقيقة إن ظاهرة هجرة الشباب إلى أوروبا، إذ إنها أزمة معقدة ومتغيرة باستمرار تعتمد على عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية متغيرة في كل من دول المنشأ ودول الوجهة.
وتظل الهجرة إلى أوروبا قائمة بالرغم من وجود انخفاض ملحوظ في معدلات الهجرة غير الشرعية خلال عام 2025، ويمكن للجهود الأوروبية المبذولة لضبط الهجرة أن تؤثر على هذه الظاهرة، لكنها لا تضمن نهايتها بشكل كامل.
إن العوامل المؤثرة في الهجرة إلى أوروبا منها الأسباب الاقتصادية، وتُعد البطالة وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في بلدان المنشأ من أبرز الدوافع للهجرة.
كما أن الظروف السياسية والاجتماعية وعدم الاستقرار السياسي والصراعات الداخلية في بعض الدول تدفع الشباب إلى البحث عن فرص أفضل في أوروبا، وتتتلخص هذه الظاهرة على النحو التالي:
العوامل الديموغرافية: تزايد أعداد المهاجرين في أوروبا بسبب العولمة والعوامل الديموغرافية المتغيرة.
برامج الهجرة في أوروبا: تسعى أوروبا إلى تنظيم الهجرة من خلال اتفاقيات مع دول أخرى.
الجهود الأوروبية والاتفاقيات مع الدول: تعمل المفوضية الأوروبية على عقد اتفاقيات مع دول مثل المغرب لضبط تدفق الهجرة، وتشمل هذه الاتفاقيات جوانب سياسية واقتصادية.
تغيّر المواقف السياسية: تتزايد المواقف المعادية للهجرة في بعض الدول الأوروبية، مما قد يؤثر على سياسات الهجرة المستقبلية ويحد من أعداد المهاجرين.
إن البحث عن إيجاد حلول حقيقية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي تحمل في طياتها أخطاراً أمنية واقتصادية وديموغرافية واجتماعية يتطلب تضافر جهود المؤسسات ذات الصلة في البلدان المصدّرة والبلدان المقصودة عبر تنظيم اتفاقيات عملية وإنشاء صناديق لتمويل فرص تشغيل الشباب في تلك البلدان من خلال وضع خطط تنموية واستثمارية تعتمد الشفافية والحوكمة والرشادة والسيطرة على منافذ الفساد بإشراك منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من أجل متابعة تحقيق مستهدفات هذه الخطط، إضافة إلى تسهيل إجراءات توريد العمالة الماهرة لمصلحة الدول المستفيدة وذلك بإقامة مراكز تدريب تلبي حاجات أسواق العمل في أوروبا وأميركا، والعمل على نشر الوعي بين الشباب بأخطار تلك الهجرات الفوضوية التي يستغلها مافيات الاتجار بالبشر وعصابات عابرة للحدود.


