: آخر تحديث

أحمد الشرع في البيت الأبيض: شرعية دولية جديدة لسوريا بين دعم واشنطن وتحديات الداخل التي لا يحلها رش العطر

2
1
2

زيارة أحمد الشرع إلى واشنطن ولقاؤه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب كانت لحظة فارقة في تاريخ سوريا الحديث، إذ دخل الشرع البيت الأبيض كأول رئيس سوري يحقق ذلك بعد عقود من العداء، وخرج بتفاهمات واسعة مع الإدارة الأميركية.
اللقاء منح الشرع شرعية دولية ودعماً سياسياً كبيراً، خصوصاً أن ماضيه الجهادي لم يعد عائقاً أمام تحوله إلى شريك أساسي في مكافحة الإرهاب، كما أشار ترامب خلال اللقاء إلى أن "قسوة الماضي ستكون حافزاً للشرع" في بناء سوريا الجديدة، مشيداً بمرونته السياسية وقدرته على حماية مصالح بلاده رغم الظروف الصعبة.

عاد الشرع من الزيارة بإعلان تعليق العقوبات الاقتصادية الأميركية، حيث أشار في تصريحاته إلى أن العقوبات لم تعد تعيق التعاملات المالية مع سوريا، ما فتح الباب أمام تسهيلات مالية وضخ استثمارات خليجية وعربية بشكل عملي، لا على مستوى الوعود الإعلامية فقط. كذلك، حصل الشرع على دعم أميركي واضح لوحدة سوريا ورفض جميع مشاريع التقسيم أو الفيدرالية، بالإضافة إلى تعهّد واشنطن بالضغط على إسرائيل للعودة إلى اتفاق عام 1974 مع تعديلات طفيفة، وهو ما اعتبره الشرع خطوة نحو استقرار الجنوب السوري.

أكد الشرع، خلال وجوده في واشنطن، أن سوريا لم تعد مصدر تهديد أمني، وأن العلاقة مع تنظيم القاعدة أصبحت من الماضي، مشدداً على التزامه بمحاربة تنظيم داعش، واحترام حقوق الأقليات، وإشراك الجميع في الحكم، مع إطلاق مسار لإعداد دستور مدني يُقصي المتشددين ويُكرّس دولة المواطنة. وخلال اللقاء، قام ترامب برشّ عطره الخاص على الشرع كجزء من الطقوس الدبلوماسية، وقال له إنه "أفضل عطر"، وأهداه زجاجة أخرى لزوجته، في مشهد رمزي أثار تفاعلاً واسعاً في وسائل الإعلام، لكن رشّ العطر في البيت الأبيض لن يحلّ محلّ التفاهمات الداخلية الضرورية بين مكونات المجتمع السوري لبناء دولة مستقرة.

ورغم هذه المكاسب، بقيت تحديات الداخل السوري قائمة، إذ لم تُنهِ الزيارة مخاطر الانقسامات الداخلية، ولا تزال الحاجة ملحّة لإشراك الفئات المعتدلة والعلمانية، وتنفيذ اتفاقات مع قوات سوريا الديمقراطية والدروز، وتطهير الجيش من المتشددين والأجانب، وضمان شراكة العلويين في الساحل ليشعروا بالأمان. زيارة الشرع أكدت جدّية واشنطن في دعم سوريا الجديدة، لكنها لم تحلّ جميع المشاكل والثغرات، ويبقى على الشرع الآن أن يبدأ العمل الجاد لبناء دولة مدنية لجميع السوريين، مع الحفاظ على خصوصية كل مكوّن من مكوناتهم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.