سواء دخل من الباب الجانبي أو الشرقي أو الرئيسي. النتيجة أن أحمد الشرع رئيس سوريا الجديدة في البيت الأبيض.
كثرت التكهنات كما التمنيات السياسية والإعلامية حول النتائج وربما التداعيات. الميدان وحده يملك إجابات عما دار بين جدران المكتب البيضاوي.
يجافي المنطق كل من يبخس حق الكاريزما القيادية لقائد سوريا الجديد. ويتلطى خلف وهم المكابرة كل من يغفل التغييرات الكبرى منذ الثامن من كانون الأول (ديسمبر) الماضي. بيد أن تجاهل المواقف التي خرجت من الرئيس السوري بعد اللقاء الحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يكفف عين الموضوعية.
صحيح أن مؤتمر شرم الشيخ في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي توج باتفاق لوقف في غزة، لكنه كرس "حالة دخيلة" تقضي بفض النزاعات على أنقاض القرارات الدولية واتفاقات السلام. ومواقف الرجل الذي يمسك بسدة القرار السوري تشي بأن "الحالة الدخيلة" تتمدد على حساب الحقوق سورياً.
كيف؟
في لقائه مع "واشنطن بوست" قال الشرع بشكل مباشر "نحن منخرطون في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.. لكن للتوصل إلى اتفاق نهائي على إسرائيل الانسحاب إلى حدود ما قبل الثامن من كانون الأول (ديسمبر)".
انتهى الاقتباس، ويطفو سؤال بحجم تاريخ من الصراع: ماذا عن مصير الجولان والقرار الدولي رقم ٢٤٢؟! أم هي "الحالة الدخيلة" بنسختها السورية؟!
القطار "الإبراهيمي" يقترب من المحطة السورية، وهو لا يحتاج إلى جواز عبور نيابي أو مؤسساتي أو شعبي، فبموجب الإعلان الدستوري نصاً "يمثل رئيس الجمهورية الدولة ويتولى التوقيع النهائي على المعاهدات مع الدول والمنظمات الدولية".
صحيح أن ملامح الشرق الأوسط الجديد تتبلور بشكل متسارع ولا مجال بعد تسونامي الطوفان السنواري في غزة للاختباء خلف شعارات الماضي. لكن الصحيح أيضاً وأيضاً أنه من حق الشعوب أن تعرف على أي إيقاع تمضي سيمفونية الكرامة والحقوق على مسرح "الحالة الدخيلة".
لا يختلف اثنان على أن طائرة الدبلوماسية السورية بقيادة وزير الخارجية أسعد الشيباني تحلق معانقة سماء الإنجاز. وفي المقابل ثمة من يرى أن الخلاف الداخلي يتعمق أمنياً وفكرياً وعقائدياً مع غياب بوادر الإصلاح الحقيقي. بأي لغة يمكن أن تقنع أبناء السويداء والساحل السوري بأن الرئيس الشرع كان محقاً حين قال مدافعاً عن ماضيه الجهادي "عندما ينخرط شخص في القتال يجب أن تكون لديه خلفية أخلاقية قوية جداً".
في شرق وشمال سوريا لا تزال عملية اندماج المكون الكردي في الدولة السورية تصطدم بعقبات ثقافية وفكرية قبل الأمنية، بالرغم من الجهد الأميركي لتحريك عجلة الاندماج. لكن التحدي الأكبر أمام القيادة السورية الجديدة هو في مستقبل العلاقة مع رفاق العقيدة الذين شاركوا في تحرير سوريا؟ وكيف سيتعاطى الرئيس الشرع مع المطلب الأميركي باستبعاد المتطرفين من المؤسسات الأمنية والعسكرية؟
سوريا ما بعد عبور قطار الاتفاق الإبراهيمي ليست كما قبلها.. في جعبة الأيام الكثير.


