في عالمنا العربي، وتحديداً في مجال التجارة، رجال الأعمال أكثر عدداً وعدة من سيّدات الأعمال، وأيضاً ظهور سيّدات الأعمال في المحافل والمؤتمرات المحلية والإقليمية قليل جداً، ولا أعرف سبباً محدداً لذلك، هل هو عدم ثقة بإمكانات المرأة، أو أن المرأة الشرقية شديدة الحياء، أو أن التجربة النسائية في مجال الأعمال حديثة؟
وأنا هنا أستثني بعض الدول العربية التي كانت تمنع الموظفين من ممارسة التجارة، فكان الرجال الموظفون يسجلون شركاتهم بأسماء نسوية، سواء كانت المرأة زوجةً أو أُمّاً أو أُختاً أو بنتاً، فهذه الأسماء النسوية خارج الحسبة والإحصاءات؛ لأنها تمر عبر ثغرات القانون ويصعب إثباتها.
رغم تسنّم المرأة العربية مناصب إدارية رفيعة مثل تولّي وزارة معينة، أو وظائف مرموقة مثل الأستاذات في الجامعات والطبيبات والمهندسات وممثلات في البرلمانات العربية، فإن وجودهن في ساحة الاقتصاد العربية قليل جداً، وإن وُجدن فحضورهن غير فاعل باستثناء قلة قليلة منهن، وقد يكنّ عُرفن في الساحة الدولية قبل أن يُعرفن في الساحة العربية، مثل المهندسة العراقية زهاء حديد (رحمها الله)، التي عرفها العرب من خلال الساحة الدولية قبل العربية، والتي تركت بصمتها في مجال العمارة حتى أصبحت أشهر مصممة مبانٍ في العالم، وأصبح لديها شركة هندسية وتصميم مبانٍ وشركة تصميم أثاث، ولن أعدّد عليكم أشهر المباني التي صممتها؛ فتصميماتها جابت الدول الغربية، ولكني سأكتفي بمبنًى واحدٍ، وهو مبنى الأوبرا في الصين رغم المليار و300 مليون نسمة! ويكفي هذا الاستشهاد ليشرح كفاءتها.
ثم نأتي للسيّدة السعودية لُبنى العليان التي عُرفت في الساحة الدولية كسيّدة اقتصاد قبل الساحة العربية؛ فهي عضو «سيتي غروب» وعضو في «رولز رويس»، وهي من أبرز السعوديات اللاتي دخلن عضوية مجلس إدارة الشركات المساهمة السعودية عبر «البنك السعودي البريطاني» (ساب)، بل هي أول سيّدة ترأس مجلس إدارة شركة مساهمة سعودية؛ إذ ترأست مجلس إدارة «ساب»، ولن أُعدّد عليكم مناصبها الإدارية في مجال الاقتصاد؛ فهي بحقّ سيّدة الاقتصاد السعودي.
ما الذي جعل المهندسة العراقية زهاء حديد والسيّدة لُبنى العليان تشتهران؟ العامل المشترك الأول هو التعليم الجيد، العامل الآخر هو دعم الأسرة، والأمر الأهم الرغبة الجامحة لدى السيّدتين في التميز. ولُبنى العليان والدها سليمان العليان الذي عمل في شركة «أرامكو»؛ لذلك أدرك أهمية اللغة الإنجليزية في وقته، فعلّم أبناءه، لتُعده «أرامكو» ليصبح أحد مقاوليها. القدوة التجارية قادت الابنة لُبنى لتسلك طريق الاقتصاد، ولتصبح سيّدة الاقتصاد السعودي.
أرجو أن نرى مزيداً من سيّدات الأعمال العربيات؛ فالتجارة ليست حكراً على الرجال فقط، ولا سيما أن المرأة أصبحت تتعلم في أفضل الجامعات العالمية، مثل جامعة هارفارد وأكسفورد وغيرهما، وتتدرب في كبريات الشركات العالمية ذات السمعة الحسنة. ودمتم.

