عثمان بن حمد أباالخيل
الفشل والنجاح ضِدان لا يمكن أن يلتقِيا أو يمتزِجا في عالم الإدارة، والفشل يعكس حقيقة الشعور بالألم والمرارة مما يؤثر على الإنسان نفسيًا واجتماعياً ويأخذه إلى أقصى درجات جلد الذات منْ تضخيم الأخطاء والتلذذ بالحديث عنها. أما النجاح فهو النقيض في حب الذات والاعتزاز بها والفخر والشعور بالراحة النفسية والاجتماعية. والإدارة كما يقال فن وعلم، وربما فن أم هي علم وفن ومهارات ذاتية أم هي كما ذكرت جميعًا وهل الإدارة تدير الموظفين أم تدير المعدات والأجهزة، وتشغيل المصانع، والمعامل، والمختبرات. الإنسان أولاً والمعدات ثانِيًا هو الهدف الرئيس للمدير الناجح فإذا أدرت الإنسان أدر عجلة الصناعة والزراعة والتطور العمراني والاقتصادي وكل مكونات حياة الإنسان.
المدير الناجح وقائد الجيش الناجح يلتقيان في تقاطعات كثيرة وعناوين متعددة، أهمها وأعلاها إدارة الأفراد والتخطيط للوصول إلى الهدف، وهو الفوز والنجاح وهزيمة الرجوع للخلف. من خلال عملي سابقًا في عملاق الصناعة العالمية (شركة سابك) تعلّمتُ ما هي صفات المدير الناجح، المدير الذي يتميّز بدرجة عالية من الاستماع والإنصات والإنسانية ويتحمّل المسؤولية والقدرة على تنفيذ الوعود وضبط النفس في المواقف التي ترفع الضغط، وثقته بموظفيه والدفاع عنهم والوقوف على حاجاتهم، وخلق جو عمل مميز، ويتميز ويدعو الى العمل الجماعي، ولا يتأثر بكلام الآخرين وليس من أصحاب الآذان الكبيرة، إضافةً الى احترام المواعيد مع نفسه ومع موظفيه والإنصاف في توزيع المهام والترقيات والعلاوات إنها صفات المدير الناجح من واقع الحياة العملية، إنها صفات المدير القدوة.
إذا أراد المدير الناجح أن يفشل فالأمر سهل وبسيط وسريع، وهي معاملة موظفيه معاملة الأجهزة والمعدات وتشغيلها فالبناء ينهار والمعدات تتوقف عن العمل فالإنسان هو مصدر النمو، ولا يمكن ومن المستحيل وليس عملاً إنسانيًا أن نضع مقارنة بين الإنسان والجماد الذي لا يملك مشاعر ولا أحاسيس. الموظف هو الذي يدير المصنع أو المشروع لأن الإنسان هو الذي يحرك عجلة الإنتاج. للأسف هناك مديرون فشلوا في إدارة الإنسان ونجحوا في إدارة وتشغيل المصانع، وفي النهاية فشلوا وأفشلوا عجلة الإنتاج.
ترى هل المدير الناجح ناجح في حياته الاجتماعية؟ أم أنه ليس هناك علاقة بين العمل والحياة الاجتماعية، نعم الإنسان الناجح يكون ناجحاً في كل شؤون حياته، فالإنسان لا يمكن أن يغير تصرفاته وسلوكه حسب رغباته فهي صفات أساسية ومغروسة في العقل والقلب. (الإداري الناجح هو الذي يستطيع تنظيم الأمور على نحو لا يعود العمل بحاجة إلى وجوده. غازي القصيبي). رحم الله السفير الوزير الروائي والأستاذ الجامعي والإنسان والقاص وأسكنه فسيح جناته.
المرونة في التعامل مع الموظفين والإنسانية يخلقان مديرًا ناجحًا مميزًا. مديرًا تبقى ذكراه طيبة وهو على رأس العمل وفي مرحلة التقاعد. هناك مديرون أصبحوا في النسيان ولم يتركوا أثراً في جهة عملهم وهناك مديرون صفحتهم بيضاء، وسمعتهم طيبة ذات صيت وصدى حسن، تركوا نجاحًا حين مغادرتهم، وزرعوا وردًا وأشجاراً مثمرة. وضع الرجل المناسب في المكان المناسب مبدأ إداري صحيح (100 %) لكن أفضّل أن أغير في هذا المبدأ وأكتب بدلاً من الرجل وأكتب الإنسان (ذكر وأنثى).

