ناهد الأغا
الدراما ألوان مشاعر تتحرك، أصوات تاريخ تتكلم، أحلام تتجمع تحت سقف واحد، فنضحك مع حكاياتها، نبكي، نحلم، ونعيش مع الشخصيات التي تقفز من الشاشة إلى داخلنا، لتصبح جزءًا من وجودنا، وعندما تتسارع الأحداث، وتتشابك الثقافات، يصبح الفن جسراً للتواصل بين القلوب، مظلة تحمي الذاكرة من النسيان، وفي هذا الإطار، تتجلى أهمية الدراما السورية، التي كانت دائمًا رمزًا للعمق الإنساني والصدق الفني، فقد جسدت عبر عقود حياة البشر في تفاصيلها الصغيرة، وخلّفت إرثًا من الإبداع العميق الذي يلمس القلوب قبل العيون.
وفي الرياض الحبيبة، حيث تتلألأ المدينة بأنوار الإبداع، ويحتفل موسمها بكل شكل من أشكال الفن، يتجدد اللقاء بين الماضي والحاضر، بين أساطير الدراما السورية وراعي الفن العربي معالي المستشار تركي آل الشيخ.
اللقاء هنا أشبه بنسمة تعيد الروح للذاكرة، بإيقاع يجمع بين الحنين والإبداع، ليؤكد أن الفن عمود الشعوب ومرآة حضارتها، وأن الدراما قادرة على إعادة صياغة الروابط الإنسانية.
في جلسة تفيض وداً مع أساطير الفن السوري الغالين.. ذكر معالي المستشار تركي آل الشيخ في مواقع التواصل:
«اجتمعت معهم ثلاث ساعات.. وسينتج عنها مفاجآت.. بعضهم لم يقابل الآخر منذ خمسة عشر سنة.. سوريا في قلوبنا».
ثلاث ساعات.. لكنها امتدت إلى أبدية، إلى لحظة معلقة في ذاكرة الفن.
كانت الصور ومقاطع الفيديو تنتشر كأمواج الضوء، تحمل اللقاء إلى العالم، تنقل الهمسات، وتشهد على أن الإبداع ينبض، وأن الفن أوسع من القيود، وأعظم من الجدران.
في «ذا غروفر»، المكان الذي احتضن الأفكار، تم تبادل الرؤى حول مشاريع فنية مشتركة بين سوريا والسعودية، حيث ولدت المفاجآت، وزهت روح التعاون الفني بين البلدين الحبيبين، لتنشط الدراما السورية من جديد.
وفي مشهدٍ فريدٍ استثنائي، تلاقت قامات الدراما السورية وأعلام الفن الذين تركوا بصماتهم الخالدة في ذاكرة المشاهد العربي، لتتجسد لحظةٌ تتخطى حدود الزمن، حيث اجتمعت أجيال من النجوم بعد أعوامٍ من الانقطاع.
وحوى اللقاء نخبةً متألقة من نجوم الدراما السورية، بينهم: ياسر العظمة، تيم حسن، منى واصف، قصي خولي، باسل خياط، عباس النوري، سلافة معمار، كاريس بشار، دريد لحّام، إمارات رزق، سوزان نجم الدين، مها المصري، غسان مسعود، جهاد سعد، سلّوم حدّاد، وأمل عرفة.
وفي أجواء الاجتماع، تم نقاش مشاريع درامية كبرى مقرر إطلاقها في 2025 و2026، بتمويل سعودي، في إطار رؤية هيئة الترفيه التي تسعى لتوحيد جهود الإبداع في المنطقة، ولإعادة البريق والألق للدراما العربية. كما تطرق اللقاء إلى الاستعدادات لمشاركة واسعة في جوائز «Joy Awards» القادمة، والعروض المسرحية المزمع تنظيمها ضمن فعاليات موسم الرياض 2025.
وفي كلمة سابقة من معالي المستشار تركي آل الشيخ الشهر الماضي، عبّر عن فرحته العميقة بعودة الفن السوري إلى الحضن العربي ووعد بمفاجآت قادمة مع سوريا في موسم الرياض، وأن النسخة المقبلة ستحمل تركيزًا خاصًا على الشام لما تشهده من تطورات إيجابية، مضيفًا أن «المحتوى الشامي محبب لدى الشعب السعودي ويجد قبولاً واسعًا»، في إشارة إلى قوة الروابط الثقافية التي تجمع بين الشعوب.
خمسة عشر عامًا.. كم من وقت مضى ونحن نفترق، والآن نعود كأننا لم نفترق يومًا.. والشتات السوري لم يعد شتاتًا، النجوم تلمعت، وعودة الفن السوري كانت أقوى من كل الانقسامات.
شكرًا للمملكة العربية السعودية -قيادةً وشعبًا- على هذا الدفء الإنساني العظيم، وعلى الاحتواء النبيل الذي جعل من الرياض بيتًا آخر لي، ولغيري من أبناء الفن والثقافة.
وشكرًا لمعالي المستشار تركي آل الشيخ، راعي الفن العربي وملهم نهوضه، الذي أعاد للدراما بريقها، وللمبدعين ثقتهم، وللشام نبضها في حضن العروبة الكبير.

