: آخر تحديث

أدوار البطولة والكومبارس على مسرح السياسة الدولية

4
5
4

"وما الدنيا إلا مسرح كبير"؛ عبارة شهيرة كان يقولها الممثل المتميز يوسف وهبي، واكتشفت (والبركة في الإنترنت) بأن أصلها يعود إلى إحدى مسرحيات شكسبير، وبالتحديد مسرحية "كما تشاء"، حيث ترد عبارة قريبة جداً مؤداها: "العالم مسرح، والرجال والنساء ما هم إلا ممثلون، لكل منهم أدواره ولحظة خروجه ودخوله".

وفي المسرح هناك بطلة المسرحية وبطل المسرحية، وهناك أحياناً صديق البطل أو صديق البطلة، وكذلك هناك من يقومون بأدوار ثانوية مثل الخدم، وهناك أيضاً دور الشرير (هادم اللذات ومفرق الجماعات) وكذلك بالطبع أدوار الكومبارس، وهم في الغالب لا يتكلمون أو قد يتكلمون جملة أو اثنتين، وهم في الواقع لا أهمية لهم ولكنهم يكملون ديكور المسرحية أو الفيلم.

وكذلك في مسرح السياسة الدولية نرى توزيع الأدوار كالتالي في الأندية الخمسة التالية:

أولاً: هناك نادي القنبلة النووية:
وهذا النادي يضم كلاً من: أميركا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا (الخمسة الكبار ولهم حق وقف أي قرار في مجلس الأمن) بالإضافة إلى الهند وباكستان وكوريا الشمالية وإسرائيل.

ثانياً: هناك نادي الأقوياء اقتصادياً حسب إجمالي الدخل القومي:
وهذا النادي يضم كلاً من بالترتيب: أميركا – الصين – ألمانيا – الهند – اليابان – إنجلترا – فرنسا – إيطاليا – كندا – البرازيل.

ثالثاً: نادي القوة الناعمة:
وهو يضم الدول التي تعطي للعالم أحدث المبتكرات العلمية، وبها أرقى الجامعات، كما تعطينا أفضل الثقافات من أفلام وروايات وأغانٍ، وأفضل المستشفيات.
وهذا النادي يضم كلاً من: أميركا – إنجلترا – الصين – اليابان – ألمانيا – الهند – فرنسا – كوريا الجنوبية.

رابعاً: نادي الشركات العملاقة:
وهذا النادي يضم أكبر عشر شركات (من حيث القيمة السوقية) وهي بالترتيب: نفيديا – مايكروسوفت – آبل – أمازون – جوجل (ألفابيت) – فيس بوك (ميتا) – تسلا – بيركشاير هاثاواي – تي إس إم سي (شركة تايوانية تسيطر على إنتاج شريحة الكمبيوتر في العالم) – إيلي ليلي (أكبر شركة أدوية في العالم).
وكل هذه الشركات أميركية باستثناء الشركة التايوانية، والقيمة السوقية لكل منها تزيد عن تريليون دولار (مليون مليون دولار)!!

خامساً: نادي أقوى جيوش في العالم:
وهي بالترتيب جيوش كل من: أميركا – روسيا – الصين – الهند – كوريا الجنوبية – إنجلترا – اليابان – تركيا – باكستان – فرنسا.

وكما ترون هناك بطل واحد يتكرر في كل من الأندية الخمسة السابقة، لذلك فإن بطلة المسرحية وبدون منازع هي أميركا.

وحالياً تحاول الصين خطف لقب بطلة المسرحية من أميركا (لأنها تتواجد في معظم الأندية الخمسة السابقة)، ولكني أشك في أن تنجح في هذا، لأنه يبدو أن بطلة المسرحية لا بد أن تتكلم الإنجليزية! وبالمناسبة، تعرفت أثناء عملي على العديد من رجال الأعمال الصينيين ولاحظت أن العديد منهم يستخدمون (في العمل مع الدول خارج الصين) أسماء أميركية مثل وانج لي يصبح مايكل وانج! وهذا ذكرني أننا ونحن أطفال أطلقنا اسم "علي كوبر" على صديقنا (علي) لأنه كان مغرماً بأفلام جاري كوبر، وكذلك كان لنا صديق اسمه (علاء) معجباً جداً بالزعيم الصيني ماو تسي تونج فأطلقنا عليه اسم (علاو)!

ونرجع لموضوعنا، وهناك طبعاً أدوار الشرير في المسرحية وهذا الدور يتغير باستمرار حسب وجودك في أي جهة من الطاولة، فإيران مثلاً تطلق على أميركا "الشيطان الأكبر"، وأميركا تطلق على إيران "محور الشر"، وروسيا تعتبر أوكرانيا أكبر شرير بينما كل دول العالم الغربي تعتبر أوكرانيا البطل الضعيف والذي سوف يهزم الشرير القوي ببركة دعاء الوالدين والأسلحة طبعاً.

لذلك فإن دور الشرير (مختلف عليه)، أما دور صديقة البطلة أميركا فأحياناً تكون إنجلترا وفي معظم الأحيان إسرائيل.

الآن نتساءل: أين دورنا نحن (البلاد العربية الجميلة) من المسرح الدولي؟ كيف لا نستطيع الانضمام لأي من النوادي الخمسة السابقة؟ لا تنقصنا المساحة مثل اليابان، ولا ينقصنا السكان مثل كندا، ولا تنقصنا الموارد الطبيعية مثل فرنسا وإنجلترا، ولا ينقصنا الموقع المتميز مثل كوريا الجنوبية.

فماذا ينقصنا؟ بالطبع تنقصنا أشياء كثيرة للانضمام إلى أي من النوادي الخمسة السابقة، ولكن يمكن تلخيصها في كلمتين: العلم والعلمانية، وبدونهما فسوف نظل نلعب دور الكومبارس على المسرح الدولي.

ويبدو أننا سعداء بدور الكومبارس الذي نلعبه بجدارة منذ أكثر من ألف عام.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.