إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير فرص العمل ويدفع بعجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام، فهذا يعني أنَّ حكومة إقليم كردستان العراق، بناءً على توجهاتها، تعمل وفق خطة وبرامج تُشجِّع المستثمرين ورؤوس الأموال لإقامة مشاريعهم السياحية أو الاقتصادية التي تفيد أصحاب الشركات والحكومة المحلية ومواطنيها على حدٍ سواء.
وفي مجال التحفيز وتشجيع الشركات وترغيب أصحاب رؤوس الأموال، فإنَّ برنامج (كوردستان ماجيك) الذي يطل على الجمهور عبر فضائية روداو، ومن خلال روعة المشاهد المتنقلة، واختيار الأماكن الجميلة، يعمل البرنامج تلقائياً مع خطة حكومة الإقليم في الترويج للمشاريع الكبيرة، وحث رجال الأعمال على إقامة المشاريع في مدن الإقليم ومختلف مناطقه كمواقع جاذبة للاستثمار الأجنبي، إذ مع توفر مناخ الحرية والقوانين الاقتصادية في حكومة الإقليم، فمن المؤمل أن يجذب الإقليم في السنوات القادمة الكثير من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتماشياً مع رؤية حكومة الإقليم للتنويع الاقتصادي، بما أنَّ السياحة تلعب دوراً رئيسياً فيها، وتزامناً مع خطة الحكومة في تشجيع الاستثمار لخلق فرص العمل والسياحة المستدامة؛ يُسلّط برنامج (كوردستان ماجيك) الأضواء على أبرز الأماكن السياحية من خلال الحلقات التي تستضيف فيها فنانين مشهورين من العالم العربي، والتي استهلتها الشركة الفنية بمجموعة من الممثلين السوريين الذين لهم حضور قوي ومؤثر، منهم الممثل أيمن زيدان، أيمن رضا، محمد خير الجراح، والممثلة شكران مرتجى، والممثلة رنا شميس التي أطلت كمحاورة في إحدى حلقات البرنامج.
إقرأ أيضاً: هل يأخذ عبدي بكلام البارزاني؟
وبخصوص الإطراء المحبَّب والإشادة بالبرنامج الذي أثبت للمشاهدين الذين تابعوه بشغف أنه من خلال ما قدمه كان فالحاً بحق، فعندما نقول عن عملٍ ما بأنه ناجح فهذا الأمر ينوّه إلى أن هنالك أكثر من طرف مساهم في إنجاح العمل المذكور، حيث إن تضافر الجهود وتكامل بعضها بعضاً من العوامل الرئيسية لنجاح أيّ مشروعٍ يجمع فريقه الحب والشغف والجدية والأفق الذي يتطلعون إليه، هذا إلى جانب القدرة على تحمُّل متاعب العمل وتكاليفه، فالعمل الناجح على مستوى جماهيري كبير يتطلب الإخلاص والمثابرة وتحدي الظروف والعقبات المحتملة، طالما كان هناك هدف سامٍ يرنو الفريق بشوقٍ إليه، وبتصورنا أن النقاط المذكورة قد اجتمعت في القائمين على برنامج (كوردستان ماجيك) الذي تقوم على إدارته شركة ليلوز إبراهيم الفنية وتقدمه الإعلامية شاهي حمو، ولكن لاستمرار البرنامج على نفس الوتيرة فهو بحاجة إلى راعٍ حقيقي حتى تستطيع المؤسسة أو الشركة المنتجة استكمال ما بدأت به، باعتبار أن هكذا برامج مكلفة فالتمويل الذاتي غالباً لا يفي بالغرض.
ووفق العارفين بوضع الشركة الفنية، فإنَّ البرنامج الذي انطلقت به استطاع أن يفوز برضا الجمهور، مع أنَّ الحلقات الأولى قُدِّمت من خلال التمويل الذاتي، وبرأيي أن هناك عوامل عديدة كانت وراء نجاح الحلقات المقدمة حتى الآن، وهي تمثلت في اختيار نجوم فنية لها بصمتها ومكانتها في المجتمع السوري والعربي، إضافةً إلى طبيعة البرنامج المميز، حيث المشاهِد الجميلة وانتقال الكاميرا من مكان إلى مكان أجمل منه، ومن محطة إلى محطة أكثر إشراقاً، ومن مثوى عام خلاَّب إلى مناخٍ آسِر، والانتقال بسلاسة بين الفقرات التي لا يشعر المتلقي عند المتابعة بأي مللٍ منها، طالما أنه ينتقل مع الضيف من فسحة جميلة إلى أخرى أكثر جمالاً، ناهيك عن المذيعة التي تتصرف بعفوية ومرونة وتفاعل واضح مع الضيف قبل المتلقي، كما كانت المقابلات السلسة والشيقة خالية من الأسئلة الاستفزازية، هذا يعني أن طبيعة البرنامج، ومكانة الضيوف، والمذيعة الماهرة، والأماكن البديعة التي تم اختيارها بعناية تامة كلها ساهمت في إنجاح الحلقات السابقة.
أما حيال الممتعضين من آلية اختيار النجوم، فيبدو أن مآخذهم أتت من فيض الحماسة والتسرع في إبداء الرأي من دون إدراك واحدهم الهدف الأساسي للبرنامج، ومن ثم معرفة السبب الرئيس لاختيار النجوم وهويتهم، مكانتهم ودورهم، والرسائل المراد إيصالها من خلالهم ليس إلى الجمهور المحلي في الإقليم فحسب، وإنما لإيصالها كذلك الأمر إلى عموم الجماهير العربية خارج العراق، على أمل أن يساهم هؤلاء النجوم في مد جسور الود والوئام بين الشعبين المتجاورين، وترك الأثر الإيجابي، سواءً في المدى القريب أو البعيد، على شعوب تلك البلدان عامةً ورجال الأعمال على وجه الخصوص؛ وكلنا أمل في أن يستمر البرنامج بتقديم حلقاتٍ مماثلة واختيار نجومٍ آخرين لهم حضورهم الآسر لدى الجماهير العربية، عسى ولعل أن يقوم الفن ورُسُله بتقريب وتمتين أواصر العلاقة بين الناس عوضاً عن السياسة والسياسيين الذين يساهم عدد كبير منهم في بث الكراهية وتمزيق المجتمعات وتنفير الناس وتشتيتهم.
إقرأ أيضاً: كمشة مفارقاتٍ سورية
في الأخير، وبما أنَّ للناجحين، أينما كانوا وأياً كانوا، خصوماً من حيث لا يدرون، فثمة طائفة غير قليلة من المعترضين في وسائل التواصل الاجتماعي لا شيء يرضيهم مما يغدو ترند وينتشر على نطاقٍ واسع، ودأبوا على أن لا يُرحبوا إلاَّ بما يشبه دواخلهم أو يكونوا هم أنفسهم المعنيين بالمحتفى به أو المستفيدين منه أو الأبطال الحقيقيين أو المفترضين فيه، أما غير ذلك، فهم سلباً له بالمرصاد، حالهم حال من يشكون من مشكلة ما في أمعائهم، وفق رأي أفلاطون، لذا تراهم يستفرغون أيَّ مادة غريبة أو مختلفة يُدخلونها إلى أجوافهم، يُعارضون كل ما هو بخلاف تصوراتهم وكل ما لا ينسجم مع أفكارهم ومصالحهم، هذا من دون أن يبادر واحدهم ويباشر بتحسس مكامن القُصُورِ فيه قبل الإشارة إلى الخللِ في بنيان الآخرين، ونرى بأن هذه النماذج القلقة من المستحسن تجنب الالتفات إلى ما يصدر عنها من ذمٍ أو تقريظ، فلا يؤخذ برأيهم ليس استخفافاً بهم، إنما لأن الهوى المستلقي في الخندق الضيِّق هو مرشدهم الأعلى، والكثير منهم ينسحب على ردات أفعالهم ما يشير إليه المثل الفرنسي: "بعض الناس يكرهونك حين تنجح، ويشمتون بك حين تسقط، ويبتسمون لك في الحالتين".