اختار الاتحاد الجزائري لكرة القدم البلجيكي جورج ليكنز لتدريب المنتخب الأول خلفًا للصربي ميلوفان رايفاتش المُقال من منصبه، عقب التعثر امام منتخب الكاميرون في افتتاح مباريات الدور الحاسم من التصفيات الافريقية المؤهلة لكأس العالم 2018 بروسيا .
ويكشف انتداب جورج ليكنز العديد من المعطيات لدى رئيس الاتحاد محمد روراوة، الذي لجأ إلى الخيار الثالث ضمن قائمة المدربين الذين رشحهم لتولي الجهاز الفني لـ "محاربي الصحراء"، بعدما وضع مواطنه مارك فيلموتس كخيار أول ثم الفرنسي رولان كوربيس كخيار ثانٍ.
القراءة الأولى:
واتضح من خلال التعاقد مع ليكنز أن الاتحاد الجزائري وجد صعوبة بالغة في اختيار ناخب وطني على الرغم من الهالة الإعلامية التي تزامنت مع عملية البحث والتنقيب عن خليفة للمدرب الصربي ميلوفان رايفاتش، على اعتبار انه سيكون مدربًا لأغلى وأفضل منتخب عربي وأفريقي ليتضح لاحقًا رفض فيلموتس للعرض الجزائري، وعدم تقدم أسماء تدريبية كبيرة لخلافة رايفاتش، ذلك أن التعاقد مع إسم كبير في عالم التدريب ليس بالأمر الهين على منتخب عربي أفريقي، حتى وإن كان ترتيبه الأول قارياً، حيث يبقى الخيار المتاح دومًا مرتبطًا بالمدربين العاطلين عن العمل أو ممن اقتربت مسيرتهم الفنية من النهاية، أو بالمدربين المغمورين الباحثين عن فرصة لإشهار أسمائهم.
القراءة الثانية:
تتعلق بكون الاتحاد الجزائري ما زال يعتمد على ارشيفه لإيجاد ناخب يشرف على المنتخب الأول ويفشل في انتداب إسم جديد أو ربما يخشى من المغامرة معه، فالبلجيكي ليكنز سبق له ان درب "المحاربين" في عام 2003 في تجربة لم تدم سوى أشهر قليلة، حيث لا تُعد هذه المرة الاولى التي يلجأ فيها "الفاف" إلى العودة للارشيف، إذ سبق له ان تعاقد مع المدرب الوطني رابح سعدان أكثر منه مرة، شأنه شأن الوطني رابح ماجر والراحل عبد الحميد كرمالي والراحل الروسي يفغيني روغوف وعبد الحميد زوبا ومزيان ايغيل.
هذا وكشف التعاقد مع ليكنز ان رئيس الاتحاد الجزائري محمد روراوة كان يبحث عن مدرب غير فرنسي يجيد اللغة الفرنسية مما جعله يركز على الأسماء البلجيكية باعتبار أن الفرنسية هي لغة رسمية في بلجيكا، مقابل اجتهاده لتفادي التعاقد مع مدرب فرنسي الجنسية في ظل العلاقات السياسية الفاترة بين الجزائر وفرنسا منذ حادثة الصورة التي نشرها مانويل فالس رئيس الحكومة الفرنسية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وما خلفته من تداعيات إعلامية، حيث كان روراوة سيفتح على نفسه باب الانتقادات لو تعاقد مع مدرب فرنسي في ظل هذه الظروف الجارية بين البلدين.
تفاصيل العقد
كما كشفت تصريحات الفرنسي رولان كوربيس عن الخطوط العريضة للعقد المبرم بين الاتحاد الجزائري والمدرب البلجيكي، حيث سيكون الراتب الشهري للمدرب في حدود 90 الف يورو، أي مثلما كان يريد روراوة دفع راتباً يكون اقل من 100 الف يورو، في وقت لا يستبعد أن تكون الـ 90 الف يورو أو اكثر هي الراتب الشهري لكافة افراد الجهاز الفني المشرف على المنتخب الوطني، وليس للمدرب فقط.
هذا وتضمن العقد الأهداف التي على ليكنز تحقيقها للاستمرار في منصبه، وهو أمر لم يكن موجوداً من قبل في عقود مدربي الخضر، إذ ان فشله في تحقيق نتيجة إيجابية أمام المنتخب النيجيري في الدور الحاسم من التصفيات الافريقية المؤهلة لمونديال روسيا 2018 قد تعجل برحيله، لأن الخسارة من "النسور الخضر" من شأنها تبديد حلم "محاربي الصحراء " في الحضور لنهائيات كأس العالم للمرة الخامسة في تاريخه، حيث سيكون استمرار ليكنز حتى نهاية التصفيات هدرًا للمال العام وجب تفاديه، كما ان فشله في المنافسة على لقب كأس الأمم الافريقية 2017 بالغابون سيمهد لإقالته بعدما تضمن العقد بندًا أعطى للاتحاد الجزائري الحق من جانب واحد بفسخه متى اراد ذلك ليتفادى أي تبعات مالية في حال فشل ليكنز مع الجزائر واضطر معه روراوة لإقالته، مستفيدًا بذلك من تجربة الصربي الذي نال مستحقاته المالية رغم فشله الذريع.
واتضح ايضًا أن روراوة كان بصدد البحث عن مدرب يقبل بكافة الشروط التي يضعها أمامه خاصة في ما يتعلق بمدة العقد وأهدافه، حيث لم يكن من السهل انتداب اسم كبير مثل مارك فيلموتس يرضخ للشروط التي يمليها عليه الاتحاد الجزائري، بل على العكس تماماً هو من يضع شروطه كتابيًا وعلى "الفاف" الالتزام بها، وهكذا وجد روراوة ضالته في ليكنز الذي يعرفه جيداً بحكم انه تعامل معه عام 2003.