: آخر تحديث

البائسة مادلين أولبرايت

44
43
48
مواضيع ذات صلة

"هل تعتقدين ان موت نصف مليون طفل عراقي نتيجة للعقوبات الاقتصادية هو ثمن يستحق ان يدفع"؟

‏لقد كان هذا خيارا صعبا امامنا، لكننا نعتقد ان الثمن يستحق ان يدفع.  

بلا أدنى شعور بالخجل هكذا كانت اجابات مادلين أولبرايت عندما سألتها الصحفية حول الحصار الجائر على العراق.  واليوم اوروبا وامريكا تبكي وتعزي لوفاة عشرات فقط من الاطفال الاوكرانيين انها حقارة الحضارة الاوربية التي تتكشف بكل حدث.

بالطبع هذا لن يمنعنا من التعاطف الكامل مع الشعب الاوكراني.بل نحن الاحق في ان نكون في مقدمة المتعاطفين فما نعترض له من روسيا وامريكا والأوروبيين يدفعنا الى ان نكون على رأس الجبهة الرافضة للارهاب الروسي. ولكن برغم تعاطفنا صدمت الشعوب العربية والإسلامية من وقاحة التعاطف الأوروبي مع أوكرانيا. "هذه ليست أفغانستان ولا العراق ولا سوريا.. انهم يقتلون أناسا مثلنا تماما".

كعراقي من المحبط أن أرى أن الكثير من التركيز المحيط بوفاة مادلين أولبرايت مرتبط بصراع مع مرض السرطان. المأساة الحقيقية في وفاة مادلين أولبرايت هي أن ملايين العراقيين الذين ما زالوا يعانون من أفعالها الماضية لن يروا العدالة أبدا والأرواح التي يجب أن نحزن عليها هي مئات الآلاف من العراقيين الذين لقوا حتفهم نتيجة لأفعال مادلين أولبرايت.

ولدت اولبرايت في تشيكوسلوفاكيا عام 1937 وفرت من النازيين في سنوات طفولتها خلال الحرب العالمية الثانية، وتعد من أكثر الشخصيات السياسية نفوذاً في جيلها.

وكانت أولبرايت أول امرأة تتسلم منصب وزير الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن سماها الرئيس بيل كلينتون في 5 ديسمبر 1996 لهذا المنصب لتكون وزير خارجية فترته الرئاسية الثانية، وتسلمت المنصب في 23 يناير 1997 لتصبح وزير الخارجية الرابع والستين للولايات المتحدة، وظلت في منصبها حتى 20 يناير 2001.

عُرفت أولبرايت بأنها من أدهى السياسيين الأمريكيين واشتهرت ببراعة الرد المناسب والحاسم. وصفتها "سي أن أن" بأنها كانت "شخصية مثالية براغماتية صاغت مصطلح ‘التعددية الحازمة‘ لوصف السياسة الخارجية لإدارة كلينتون".

برغم ذلك، شهدت إدارتها للسياسة الأمريكية فشلاً متكرراً وحوادث عالمية أليمة، كالإبادة الجماعية في رواندا التي اعتبرتها هي "أكبر لحظة أسف" لفشل المجتمع الدولي في وقفها. 

كذلك لم تحقق نجاحاً يذكر في مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية. بل أوقفت بالفيتو الأمريكي، عام 2000، في محاولة لإدانة إسرائيل لقتل جنودها الطفل الفلسطيني محمد الدرة بمشهد احتماء الأب وابنه ببعضهما البعض، وإشارة الأب لمطلقي النيران بالتوقف، وسط إطلاق وابل من النار والغبار، حيث جلس «الدرة» على ساقي أبيه، في مشهد حزين وأليم لم يستمر أكثر من 60 ثانية، وسط تبادل لإطلاق النيران، وبعده سقط «محمد الدرة شهيدا»، وشيعت له جنازة شعبية تحدث عنها العالم.  الجريمة التي التقطتها الكاميرات وأثارت غضباً واسعاً في العالم.

رحلت مادلين أولبرايت لتترك وراءها إثار ثقيلة وألاف الضحايا. وأسئلة حارقة من دون اجابة. اليوم سيقف نصف مليون طفل عراقي من طيور الجنة ليشاهدوا عذابها في سقر.

التحقي ببوش، وكولن باول، ورامسفيلد، ونورمان شوارزكوف.. عسى أن تتلحق بكم كوندليزا رايس، وبوش الصغير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في