: آخر تحديث

اليوبيل الذهبي الرقمي للإمارات

46
38
42
مواضيع ذات صلة

ما بين عصر مؤسس الإمارات وحكيمها الشيخ زايد طيب الله ثراه، والعيد الوطني الخمسين ويوبيلها الذهبي في البناء والوحدة والتضامن، قصة جهاد وإرادات، وتضحيات وتحديات ورؤى تتخمر بعطر المستقبل، ومسارات مصيرية بين الخروج من حالة الركود إلى البحث عن المكانة الدولية اللائقة بالإمارات الباحثة عن الرقم الأول بين ضجيج دول الأفعال التواقة للعلم والمستقبل.

بمنطق العلم، فأن القائد السياسي في عصر الفضاءات المفتوحة صار عليه لزاما أن يتسلح بما يسمى (عقل المستقبل). وهو عقل مركب ومتشابك فيه العقل التخصصي والتركيبي والإبداعي والأخلاقي. فهو سمة الثورة التقنية الهائلة التي أسست لشعوب الدول دولتهم الافتراضية الكبيرة. أنها أكبر دول العالم في عدد السكان، وأقواها في حرية التعبير، وأكثرها تنوعاً في الأديان والقوميات واللهجات والمذاهب.

لقد تغيرت المعطيات كليا بظهور الثورة الرقمية. وأصبح المواطن فاعلاً في العملية الاتصالية السياسية. وأصبح بمقدوره إنتاج الرسالة الإعلامية وبثها وتوزيعها، وإشراك الآخرين في التعليق عليها وإضافة ما يرونه مناسباً لها. بل أصبحت قضايا الأمة تناقش بكل حرية وديمقراطية وصراحة وجرأة وشفافية على الشبكات الاجتماعية، فلعبت دوراً في توعية الشباب وتجنيده وإعطائه الفرصة ليكون فاعلا ومؤثراً.

يبدو اليوم، في عصر الإعلام الجديد، إن الوسائل التقليدية لكسب الجماهير أصبحت في خبر كان، حيث ضعف دورها وخف صوتها وقل بريقها. ولم تعد  الخطب الرنانة للرؤساء في الميادين ، ونظريات (الكاريزما) تلقى تجاوباً وتفاعلاً من الشباب الذي اسس له جمهوريات في عالم التواصل الأجتماعي . فقد انتهى العصر الذي كانت تزحف فيه الملايين الى الميادين لتسمع الى اصوات زعماءهم. مثلما انتهى عصر البيانات السياسية الثورية الرنانة التي كانت تدغدغ المشاعر وترفع من معنويات الجماهير.ليبدأ عصر جديد انتقل الإعلام فيه من السلطة الرابعة الى السلطة الخامسه، وهي سلطة المواطن التي تمكن من بسطها على المجتمع من خلال المدونات والمواقع الالكترونية والصحف الإلكترونية ومواقع الدردشة. لقد تحول المواطن من متلق للقرار إلى صانع له.

وبمراجعة البحوث والأدبيات والاستطلاعات، فأن معظمها تشير إلى إن الجمهور العربي يعتبر الإعلام الجديد مرجعيته الرئيسية، حيث أظهرت أن واحداً من كل خمسة أشخاص يثقون بالمعلومات الواردة على مواقع الإعلام الجديد (فيسبوك وتويتر والمنتديات والهواتف النقالة وغيرها) أكثر مما يثقون في المعلومات المذكورة في الإعلام التقليدي. ولأن وسائل التواصل الرقمية بدأت تربط بين أطراف المجتمع وتنمو بسرعة، فلم يعد بوسع الحكومات الحالية والقادمة أن تتجاهل أهمية هذه الشبكات الاجتماعية. لان ما يجري اليوم ليس (غيمة عابرة، إنها مجموعة من السحب السوداء، تجمعت وتراكمت وتفاقمت شحناتها الكهربائية والمغناطيسية).

وهكذا وجدت الإمارات وقادتها أهمية الاقتراب من العصر الرقمي لبناء جسور الثقة، والعبور إلى المستقبل من خلال التعامل مع العلم وثوراته الاتصالية. والأهم التعامل مع جمهورهم بلغة الحاضر وبتقنياته السليكونية والرقمية بهدف كسب العقول، وإشراكهم في صنع القرارات، وتأهليهم للدخول إلى بوابة المستقبل.

لذلك أصر قادة الإمارات على اختيار وسائل الاتصال الرقمية في صنع مستقبل دولتهم وجعلها منهجا يوميا في التعامل مع الجمهور لإدراكهم الواع للحاضر والمستقبل. وأهمية الوسائل الرقمية في عملية التأثير والأقناع، وبناء جسر من الثقة بين القائد والجمهور، حيث تلمس مشكلاتهم وطموحاتهم ورغباتهم وإشراكهم في صنع القرار. وهو الأمر الذي لا يبدوا مستغربا من قادة الإمارات، فقد أدركوا منذ سنوات بأهمية المعلومة الرقمية ومجتمع المعرفة. فقادوا الإمارات إلى مصاف الدول العالمية الحديثة. وجعل أسمها يتردد كدولة عربية مبهرة في تجربتها ومشروعها النهضوي. انه عقل قادتها الذين لا يقبلون إلا بالصدارة الآولى.

وفي منطق العلم والاتصال الفعّال، ينبغي معرفة المنظومة المعرفية للجمهور، وبالذات الشباب، أي معرفة ماذا يريدون؟ وكيف يفكرون بإيجابية؟ وهذا ما جسدته الإمارات في التعامل مع الشباب عبر وسائل التواصل الرقمية، وإجادتهم في فهم عملية الاتصال والإقناع من خلال مؤشرات فهم الشخصية: الحفاظ على سمة الثقة بالنفس في التعامل مع الأخرين، واحترام الذات وتقديرها، والثقافة الشخصية، والاهتمام ببناء الثقة مع الأخرين من خلال الصدق المطلق، وعدم الكذب والتلاعب والإنصات للآخرين، واستراتيجية كسر الجليد من خلال التواصل مع الآخرين، والمعرفة التامة بقدراتهم وإمكانياتهم وما يمكن أن يقدمه للأخرين من خدمات. والابتعاد عن الوعود الزائدة، والواقعية في تحليل الأحداث. لأن النصر في النهاية هي لعبة العقول حيث يكون الغالب لمن يملك مفاتيحها.                                  

باختصار شديد، الإمارات تستعجل الخطى بقوة لعبور المستقبل بسلاح العلم، وبمنطق الثورة الرقمية، واستشراف المستقبل. هي مستعدة لتحديات اليوم، وجاهزة لتحديات المستقبل عبر سيناريوهات مبتكرة لتنفيذ " مئوية الإمارات 2071”، حيث تكون الإمارات أفضل دولة في العالم. وهذا كله بفضل عقلية قادتها الذين يصنعون لها مكانة تليق بها وبطموحاتها في بناء الإنسان والتنمية. أنهم يغادرون العصر العربي الرتيب والتقليدي إلى عصر النهضة الحديثة، عصر الرقمنة والابتكار والرفاهية والسعادة والتسامح.

من الإمارات يبدأ المستقبل.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي