: آخر تحديث

السعودية وإيران وأولويات الحوار

85
94
86
مواضيع ذات صلة

السعودية وإيران نموذجان لدولتان تجمعهما التناقضات والمصالح المشتركه، فإيران تقدم نموذج دولة القوة التوسعيه ذات النزعة العدوانيه التدخليه والسعودية دولة قوه تشاركيه توافقيه مع غيرها اى ليست دولة أحادية القوة. والدولتان تنتميان لنفس الإقليم الخليجى الذى يشكل المجال الحيوى لكل منهما. وتنتميان للعالم الإسلامى رغم تباين نظام الحكم.

منذ الثورة الإسلامية في إيران 1979 والعلاقات يحكمها التنافس والتوتر أكثر من الإلتقاء والبحث عن المصالح المشتركه. وإبتداء قد نكون أمام نموذج الصراع على الدور والمكانه، فإيران دولة قوة إقليميه صاعده تسعى لإحياء سياستها الإمبراطوريه ويحكمها السلوك القومى الفارسى الذى يطغى على سلوكها السياسى. ولتحقيق هذه الغاية تعتبر منطقة الخليج منطقة نفوذ أولى دون مراعاة لمصالح دول المنطقة، وتسعى لمد هذا النفوذ لما هو ابعد من ذلك ليغطى كل المنطقة الممتده حتى سوريا والبحر المتوسط شرقا والعراق شمالا واليمن جنوبا، وهذا يعنى تبنيها لسياسة الكماشه حول الدور السعودى. 

والسعودية من ناحيتها تقع بمساحتها الكبيره في قلب النظام الخليجى بل وقلب الجزء الأسيوى للعالم العربى، وتملك كل مقومات القوة والتاثير ويتسم الدور السعودى بدور الدولة المؤثرة دوليا والدور المحورية عربيا والدور الأساس لمنطقة الخليج وهذا من شانه أن يقوقع الدور الإيراني. فالتنافس والصراع على نفس المناطق. 

بتتبع العلاقات بين الدولتين يبدو ان خيار الحوار هو الخيار الأكثر واقعية وأكثر تحقيقا للمصالح المشتركه وينؤ بالمنطقة كلها عن الصراعات والمواجهات التي في النهاية ستكون صفريه.فالأساس في العلاقات أنها كانت قائمه ولم تنقطع وهذا يمكن البناء عليه، الأصل العلاقه وليس المقاطعه.والعامل الثانى الذى يدفع نحو خيار الحوار ان الرغبة قائمه في بناء أسس جديده للعلاقات مبنيه على المصالح المشتركه.وعلى الرغم من توتر العلاقات بقيت العلاقات قائمه وهذه خاصيه لا تتوفر في العلاقات بين أي دولتين عاديتين.أضف إلى ذلك المصلحة الإقليمية في العلاقات بين الدولتين وهنا الدور العراقى ودور عمان ودور الباكستان. واليوم قضايا التوتر كثيره وسببها التدخل الإيراني في دول غير دولها مثل اليمن والعراق ولبنان وقضية الأمن الخليجى.أضف دعم إيران لوكلائها في المنطقة كالحوثيين وحزب الله وحماس وغيره من الحركات في العراق والتي قد تساهم في مزيد من تعقيدات العلاقه.والذى يفرض الحوار ليس فقط مصالح الدولتين بل مصالح المنطقة كلها والتي لا تقتصر على منطقة الخليج بل على المستوى الإسلامي والعربى، قالمصلحة الإقليمية تفرض الحوار وهذا ما يفسر لنا الدور العراقى والعمانى والباكستانى.

أهمية العلاقات ان الدولتان تنتميان كما أشرنا إلى نفس المنطقة ودولتان رئيستان لا يمكن تجاهل دور اى منهما. والعوامل التي تحكم العلاقات كثيره أهمها العامل الجيوسياسى، والعامل المذهبى وطبيعة نظام الحكم الملالى وتبنية مفهوم تصدير الثورة الإيرانيه الذى ما زال قائما كأحد أهداف السياسه الإيرانيه.ولعبت الدولتان دورا مشتركا فيما عرف تاريخيا نظرية العمودين المتساندين في زمن الشاه، ونظرية الرئيس نيكسون والتي تقوم على المحور العسكرى والمحور الإقتصادى، وانتهت هذه النظرية بقيام الثورة في إيران.والتى تشكل نقطة تحول في العلاقات وسيطرة التوتر في العلاقات أكثر من التفاهم والحوار. ومن أبرز ألأمثله أزمة الحجاج الإيرانييين عام 1987ومهاجمة السفارة السعودية في طهران والذى أدى لقطع العلاقات الديبلوماسيه. وبروز المشكلة اليمينة والدور الحوثى المدعوم إيرانيا. 

تزاحمت وتسارعت الكثير من القضايا التى زادت من توتر العلاقات ما عرف بثورات الربيع العربى وفلسطين وسوريا لتدخل العلاقات مرحلة جديده مرحلة عاصفة الحزم في اليمن وتطور الصراع من مرحلة الغير مباشره اللى شبه المباشرهوما يعرف بالحروب بالوكاله وما يقوم به الحوثيين نيابة عن إيران والتي قد تدفع تطورتها للمواجهة المباشره التي يتجنبها الطرفان والتي لن تقتصر عليهما بل قد تجران دولا كثيره من هنا أهمية الحوار.هذا ويمكن تفسير العلاقات بين الدولتين من خلال نظرية الدور والذى يرتبط بمحددات الدور لكل منهما والمفارقة هنا ان كل منهما تتوفر له هذه المحددات. ونظرية سلوك الدولة وأفعالها وتصرفاتها.وهنا يمكن الوقوف على العديد من التصريحات التي تفاقم العلاقات اضف لذلك نظرية القوة والواقعية وتنامى قوة الدولتان وهذا قد يفسر لنا إصرار إيران على إمتلاك القوة النوويه لتنفرد بالدور الأحادى وهو ما يتعارض مع الدور والمصلحة السعودية.

لا يمكن تجاهل دور نظريات توازن القوة فزيادة قوة إحداهما ينظر إليها على أنها تشكل تهديدا لأمن الأخرى وأيضا النظريات الإدراكية والمقصود بها القيم والمعتقدات وهنا التناقض واضح.ومن أبرز القضايا الخلافيه هنا إعتبار إيران ان امن الخليج أمنا فارسيا، وتقع المنطقة كلها في دائرة امنها الأولى وان هذا يعطيها الحق في التحكم الداخل والخارج والتحكم في إمدادات النفط، في الوقت الذى تعبر فيه السعودية ومعها دول المنطقه ان أمن الخليج امنا عربيا.

إلى جانب هذه التصورات تعتبر التهديدات النووية الإيرانية والصاروخيه وتمدد النفوذ الإقليمى أبرز التهديدات التي تواجه السعودية.وبالرغم من كل هذه القضايا والمسائل التي تثير الخلاف والتصعيد فالعلاقات بين الدولتين الجارتان تحتج إلى إجراءات لبناء الثقه وتبنى الدبلوماسيه الوقائيه لإحتواء اى تصعيد وتوتر، والعمل على إبتكار أليات لحل الخلافات والتركيز على المنافع والمصالح المشتركه وهى كثيره بدلا من التركيز على القضايا التي تثير الخلاف.وتبقى هذه المنافع والمصالح المشتركه هي المدخل والمقاربه السليمه من خلال تبنى قاعده الحوار التراكمى بالإنتقال من مجال إلى آخر وتوسيع دائرة الحوار وصولا لحل الخلافات الرئيسيه.وبناء نموذج لعلاقات بين دولتين متكاملتين وليس متنافرتين.ومتقاربتين وليس متباعديتن وهنا يلعب الطرف الثالث دورا حاسما.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي