حمد الحمد
كلنا نعلم أهمية وسائل التواصل بأنواعها، حيث أعطت الإنسان قوة أن يعبر عن ما في نفسه بدون أن تكون هناك جهة تسمح له أو لا تسمح، لكن مع هذا هناك اتهام لها أنها أصبحت أكبر خطر يواجه صغار السن من القاصرين، لهذا كانت هناك محاولات عديدة لتلافي المخاطر، لكن لم تنجح.
هنا أخذت المبادرة والقرار الأهم الحكومة الأسترالية بمنع الأطفال من سن 16 وما دون من الدخول على تطبيقات عديدة منها منصة إكس وإنستغرام وحتى فيسبوك وغيرها من مواقع، وبدأ تنفيذ القرار من 10 ديسمبر 2025، وكذلك أجري استبيان في ألمانيا وأيد 60 % من المستفتين هذا التوجه.
صدم كثيرون من القرار الأسترالي، حيث كيف تكون دولة ديمقراطية وتمنح الأفراد حريتهم، وهنا تمنع الأطفال من دخول هذا العالم الحديث الذي لا غنى عنه.
هنا أعرض لكثير من المخاطر التي تدعو لذلك القرار وفق أقوال خبراء، حيث دخول الأطفال لتلك المواقع مع السن الصغيرة خلقت لديهم أمراضاً نفسية جراء التنمر وميولاً عدوانية، وميولاً انتحارية أيضاً.
اطلعت على برامج أميركية وأوروبية تعرض لكثير من الحالات التي أصابت أسراً مستقرة، حيث يفقد الابن أو الابنة ويتم العثور عليه أو عليها منتحراً أو منتحرة في أقرب بحيرة، بسبب متحرش هددهم بنشر صور لهم في وضع غير مرغوب فيه. لهذا، الطفل لا يتقبل الفضيحة ويفضل الانتحار، وحالة أخرى تقول سيدة أميركية إن ابنها وعمره عشر سنوات أخبرها أن صديقه الذي تعرف عليه في مواقع التواصل سيزوره في المنزل، وعندما طرق الباب أسرعت الأم لاستقبال الصديق، حتى وجدت أمامها رجلاً بالغاً في العشرينات وأصابتها الصدمة.
وحكاية غريبة استمعت إليها قبل أسبوع من أحد المواقع وحدثت في العراق، ضابط مخفر يقول، دخلت مكتبه فتاة قد تكون بعمر تسع عشرة، وطلب منها أن تشرح مشكلتها، وقالت إنها محتجزة من قبل رجل من كم سنة، وكانت قد تعرفت عليه عبر وسائل التواصل، أخذ منها رقم هاتف والدها وتحدث معه قائلاً: «هل عندك أولاد»؟ رد «نعم ثلاثة»، وسأل الضابط «هل عندك بنات»؟ أجاب «لا»، حينئذ رد الضابط باستغراب «أليس عندك بنات»؟ قال «كان عندي بنت واحدة لكن انتحرت من كم سنة بالنهر وأقمنا العزاء عليها رحمها الله»، ما دفع الضابط لإبلاغ الأب «يا عمي ابنتك فلانة، الآن موجودة في مكتبي»، صدم الأب مما يسمع وكأنه في حلم.
واتضح أن الحكاية هي أن رجلاً كبيراً في السن من محافظة بعيدة، كان يتواصل مع تلك البنت وكانت حينها قاصراً، ورسم في عقلها علاقة حب، وشجعها أن تهرب من منزل أسرتها وتذهب إلى النهر القريب، وسيأتي لاصطحابها وفعلاً جاء وطلب منها أن تلقي ملابسها قرب النهر في مشهد كأنها دخلت النهر وانتحرت، واصطحبها إلى محافظته، وهناك احتجزها طوال تلك الفترة... لم أكمل حكاية الفتاة لأنها تدل على خطورة وسائل التواصل للأطفال والقاصرين.
في مجتمعاتنا، هل نقدم على اتخاذ قرارات حازمة تحمي حياة الأطفال من تلك الوسائل التي تدس السم في العسل؟!
أتمنى أن تجرى دراسة عن هذا الموضوع لاتخاذ القرارات الضرورية أو التوعية.

