قال: كان معرضا معقولا..
قالت: ما المعقول فيه، ما هي الجماليات التي رأيتها فيه؟ أنا رأيت موهبة محدودة.
قال: العمل يتحدث لغة الفن الآن، يحتاج الفنان فقط إلى بعض أدوات يثبت بها رؤيته.
قالت: لا أفهم، إذا كان العمل متواضعا جماليا، كيف يصبح عظيما بامتلاك بعض الأدوات.
قال: العمل الفني الآن أصبح رؤية متكاملة، وليس إنتاجا لعمل جميل.
قالت: العمل الفني رؤية متكاملة من زمن طويل، الفرق الآن، فيما يدعى الفن المعاصر، أنه أصبح يعتمد على الرؤية أكثر من المنحى الجمالي.
قال: بالضبط، لأنه أصبح فنا، فقط، لم يعد فنا جميلا، فن له مكوناته وعالمه ومخرجاته، بعيدا عن التعبيرات القديمة، اللوحة والمنحوتة.
قالت: لماذا إذا يستخدم نفس مساحات الفن الجميل، لماذا يعرض في نفس المعارض ويتجه إلى ذات الأشخاص المهتمين بالفن الجميل، لماذا يعتبر إمتدادا للفن الجميل.
قال: لأن معظم المشتغلين به أتوا من هذا العالم ومن هذه الساحة، ساحة الفن الجميل، هذا تطور.
قالت: لا أفهم هذا التطور، لا أستطيع تسميته تطور.
قال: أنت إذن في مشكلة عويصة، لأن الساحات المهتمة بالفن، اتجه معظمها تجاهه، ومن يرفض الانجراف يبقى في الخلف.
قالت: كيف، ولماذا، أنا أحاول أن أفهم، حسب فهمي وتذوقي للفن أنه عمل خالد، حين تنظر إليه يمنحك هذا الشعور العميق الذي لا يستطيع الناس التعبير عنه، لكنه إحساس بديع يملؤك بمشاعر روحية جميلة، لهذا يذهب الناس إلى المتاحف وينظرون إلى الإبداعات الرائعة التي صمدت على مر القرون. أين هي متاحف الفن المعاصر، وهل يشعر الناس بهذه المشاعر حين ينظرون إلى أعمال الفنانين اليوم.
قال: كل شيء يتطور حسب العالم وحسب ما يسود فيه من مفاهيم. والعالم اليوم يسيطر عليه الاستهلاك، فلابد أن يعبر الفن اليوم عن هذا المفهوم، لا شيء يبقى، حتى الفن، يتم عرضه، ثم ينتهي.
قالت: هذا تحديدا ما يجعلني لا أستطيع فهمه أو تقبله.
قال: لا يجب أن نرفض شيئا، علينا أن نتقبل، بل أن نحب، هناك أعمال رائعة، هناك أعمال أقل، وهناك أعمال مقلدة، وهناك أعمال مدعية وهناك أعمال رديئة.
قالت: الأعمال الرديئة تقول عنها ذلك ليس لأنها رديئة، ولكن لأن أصحابها لم يجيدوا التحدث عنها وإيصال رؤيتهم بخصوصها.
قال: نعم، أحيانا، على الفنان أن يكون مثقفا وواعيا بما يصنع.
قالت: والجمال، لم يعد مطلبا.
قال: لا، الجمال ليس مطلبا.
قالت: سأواصل البحث عن الفن الخالد، شاهدت معارض معاصرة كثيرة، لم يعطني أي منها مشاعر النظر إلى لوحة فنية بديعة.
قال: سيتجاوزك الركب.
قالت: لا يهم.

