عبدالعزيز الكندري
«لا شيء يؤذي الإنسان مثل الحقيقة، ولا شيء يسعده مثل الوهم»
غازي القصيبي.
كل واحد فينا يتمنى أن يرى أبناءه في أعلى المراكز، فتجده يوفر الحماية وفي كثير من الأحيان تكون زائدة عن الحد الطبيعي وفي بعض الأحيان تدخل في كل تفاصيل الحياة لدرجة أن هناك طلاباً في الجامعة ما زال أولياء أمورهم يراجعون عنهم في السحب والإضافة، وهذا بدوره يؤدي إلى نتائج سلبية على نموهم ومواجهة الحياة في قادم الأيام، فتجد لديهم ضعف الثقة بالنفس، ونقص المهارات الاجتماعية والمعرفية، وزيادة مفرطة بالاعتماد على الآخرين، وعدم تحمل المسؤولية وتعمد ممارسة الأخطاء للفت الانتباه وأنظار الناس.
وهناك العديد من الجامعات الخاصة في الكويت، وفرت مواقف سيارات لطلبتها، ومن شدة حرصها قامت بعضها بالاتفاق مع بعض الجهات القريبة من الجامعة لكي يقوم طلاب الجامعة بالوقوف فيها، كما وفرت الجامعة باصات لنقل الطلاب بالرغم من قصر المسافة بين المواقف الجامعة.
ولكن الغريب وغير المفهوم هو قيام عدد ليس بالقليل من الطلاب بالوقوف في مواقف ممنوع الوقوف فيها، أو الصعود على الأرصفة، بالرغم من وجود مواقف كثيرة شاغرة من السيارات ومخصصة للطلاب، وهذا الأمر بصراحة غير مفهوم لماذا يتم مخالفة أبسط القواعد المرورية؟!
تذهب إلى المستشفى ولديك مراجعة فتجد عدداً كبيراً من السيارات مركونة في مواقف ممنوع الوقوف فيها، وبعضها يمنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى قسم الطوارئ ولديه مريض! على الرغم من وجود مواقف كثيرة شاغرة، وهناك العديد من المؤسسات والأسواق، يتكرر هذا الأمر، وهل هو عدم مبالاة؟!
وحالياً جهود وزارة الداخلية واضحة في مخالفة المخالفين، وهناك حرص واضح في مؤسسات الدولة على سيادة القانون مما يكفل حماية المواطنين ومن يعيش على هذه الأرض الطيبة من إخواننا الوافدين، وهناك انجاز في خفض معدلات الجرائم الجنائية والمخدرات، مع الشعور بالأمان وتطبيق القانون، وتم ايجاد تعديلات على قوانين المرور والإقامة والمخدرات الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة.
والدولة مشكورة قامت ببناء أفضل الجامعات، ومن لا يقبل في الجامعة يتم توفير بعثة له، وهذا من وسائل الرفاهية والراحة، ولكن نجد البعض يخالف أبسط القوانين، شباب في عمر الزهور يملكون كل شيء ومع ذلك يتعثرون بالجامعة، ويفشلون في اختبارات الحياة، ويعجزون عن تحمل المسؤوليات البديهية، وهذا بسبب الدلال الزائد عن الحد، لأنه عاش حياته دون احتكاك وتحديات ويخالف أبسط قواعد المرور دون أن يتحدث معه أحد خوفاً على نفسيته!
الشباب الذين يتركون سياراتهم في مواقف ممنوع الوقوف فيها، وعدم احترام الناس في الشوارع، ولا يرتبون غرفهم قبل مغادرتها... لن ينجحوا في حياتهم العملية وسيفشلون ويسقطون في أي اختبار، ومسألة عدم احترام قواعد المرور والوقوف في مواقف ممنوع الوقوف فيها ما هو إلا مؤشر على وجود خلل عميق في تركيبتهم النفسية، وهذه إن لم يتم تداركها فستكبر في قادم الأيام مثل كرة الثلج وستؤثر على كل نواحي الحياة.
ولن ينمو الشباب بدون وجود تحديات بمقدورهم تجاوزها، والتحديات التي تواجه الإنسان فيها الكثير من الدروس والعبر التي من خلالها يتعلم كيف يواجه الحياة أو يتعامل مع الآخرين، لذلك، فإن التحديات تستنهض الهمم، ولا طعم للحياة من دونها، وسهولة الحصول على الأشياء تجعلها أقل قيمة وربما عدم استشعار وجودها.
وفي كتاب (The Sweet Spot) يقول باول بلوم، أستاذ علم النفس في جامعة ييل «بدلاً من قضاء حياتنا نتجنب المشقّة يجب علينا اختيار المشقّة المُناسبة، تلك التي تغير حياتنا إلى الأفضل وتجعل لها معنى».

