تلقف الإخوان المسلمون في الكويت نداءه، ونجحوا، من خلال حملة تمت تغطيتها بشكل واسع، بحيث غطت كل وسائل التواصل حينها، في جمع أكثر من 13 مليون دولار، من خلال شبكة حزبية مخيفة، وكان مقرراً تحويلها للجعفراوي، لكي يبني بها المستشفى الحلم، مع أنه كان مشروعاً خيالياً غير قابل للتنفيذ، بأي حال، فتم تجميد تحويل المبلغ، وقتل الجعفراوي تالياً، كما سبق أن ذكرنا في مقال سابق، فور عودة سيطرة «حماس» على قطاع غزة، ومباشرتها تصفية المتعاونين مع قوى الاحتلال الصهيونية، ولم يعرف من قتله؟ ولماذا؟!
أعيد التذكير بهذه القصة، التي كان لي دور فيها، من خلال السعي لوقف تحويل مبلغ التبرع، مع اشتداد وتيرة الخلافات بين فصائل إسلامية إخوانية وتركية وعربية وجامية، بعد أن تبيّن أن منظمات إسلامية تابعة للإخوان المسلمين نجحت، وأي نجاح، في جمع نصف مليار دولار لإغاثة غزة، وكان لإحداها الدور الأكبر، بعد أن حصلت على تأييد ومساندة كل قياديي الإخوان في الداخل، وفي الخارج، بخلاف دعم «حماس». كما وقفت مجموعات كبيرة من الشخصيات الدينية، التي يقيم أغلبها في إسطنبول، وراء حملة التسويق، الأكبر من نوعها في تاريخ الإخوان.
ما إن التقطت «حماس» شيئاً من أنفاسها حتى شككت في مشروع «التبرع»، وأنكرت أطرافٌ تمثلها تلقيها شيئاً من ذلك المبلغ الضخم، الذي تم جمعه من قبل إخوان مسلمين، عالميين، لتسليمها لإخوان مسلمين غزاويين، ولكن يبدو أنها كانت كقالب الثلج، الذي تحدث عنه رضا شاه، والد الشاه الأخير محمد رضا، في رده على تساؤل مبعوث الرئيس الأمريكي عن سبب عدم تكملة أي مشروع موَّلته أمريكا، من خلال برنامج معوناتها لإيران، وكيف أن قالب الثلج، الذي يمثل المساعدات، كان ينتقل من يد لأخرى، وما أن يصل لصاحب الحاجة، حتى يكون قد وصل إلى نصف حجمه، مع غياب أي دليل ملموس على الكيفية التي ذاب فيها القالب بين الأيدي.
وهذا ما ينطبق على التبرعات، التي تجمعها بعض الجمعيات، حيث يتم تسلّم التبرع، فتقوم باستقطاع نسبتها منه، وتقوم بتحويل الباقي لجمعية خيرية أو لجهة أخرى، فتقوم الأخيرة باستقطاع حصتها، وتحويل ما تبقى لجهة ثالثة، لتستقطع منه نصيبها، وهكذا بحيث لا يتبقى الكثير، لصاحب الحاجة الحقيقية، في نهاية الأمر.
الطريف، أو بالأحرى المحزن، أنه لا جهة في تنظيم الإخوان، داخلياً أو خارجياً، استنكرت ما صدر عن «حماس» من تكذيب بتلقيها أي مساعدات من أموال الدعم الضخمة، التي جمعت باسم «أهالي غزة والضفة».
أحمد الصراف

