هناك قاعدة قانونية لدى المشرِّعين تقول إن «القواعد وُجدت لتُكسَر». والمقصود بهذا القول أن القوانين أو الأنظمة أو التشريعات يضعها المشرِّع لتنظيم معيِّن يرتِّب الحقوق والواجبات لدى أطراف العلاقة، ومتى وقفت هذه التشريعات حجر عثرة في تقدم مشروع ما أو أصبحت عاجزة عن الإيفاء بالالتزامات المستجدة في مشروع معين أو سوق معينة، فإنه يجب مراجعتها وتعديلها وإلغاء بعضها وإضافة البعض الآخر، وهذا هو مفهوم الكسر، وهو لا يعني التخطي أو التجاوز، وبعض المسؤولين العقلاء إذا مرّت عليهم حالة معينة والقانون لا يُنصفها، رفعوا إلى صاحب الصلاحية موضحين المبررات وطالبين استثناءً منه يُنصف الحالة، وغالباً ما يوافق صاحب الصلاحية على الحل المقترح، وهذا ما يقصده القانونيون بكسر القواعد.
والجهات المتابعة ترصد الحالات التي لم يغطِّها القانون وتُشرِّع لها بحيث يستجيب القانون لكل الحالات، والبعض الآخر يراجع القانون كل فترة ويحدِّثه حتى لا يصاب القانون بالصدأ لأن القوانين قد تكون صالحة لفترة زمنية معينة ولكنها لا تناسب مرحلة أخرى نظراً للمستجدات التي تطرأ والمتغيرات التي تظهر ولا يغطيها القانون.
وأسواق المال هي الجديرة بمراجعة أنظمتها؛ لسرعة المتغيرات والأحداث التي تمر بها، وكذلك لحساسيتها للأحداث. وقد سرت الأنباء بأن سوق المال السعودية تنوي زيادة حصة الأجانب في السوق، وهذا إجراء تفعله معظم أسواق العالم لجلب السيولة لها، فخرج رئيس هيئة السوق المالية السعودية ليوضح أن رفع حصة الأجانب في السوق السعودية سيؤجَّل إلى العام المقبل، وسيكون قيد المراجعة، والقرار سيكون وفق ما تُظهره نتيجة تحليل البيانات، وأكد رئيس الهيئة أن الزيادة ستكون في العام المقبل.
كما أكد رئيس الهيئة ضرورة مراجعة وضع المستثمر المؤهَّل قبل الذهاب لرفع حصة الأجانب، وهو أمر منطقي. ويعرف المستثمر المؤهَّل بأنه «فرد أو شركة تلبِّي شروطاً مالية أو مهنية محددة تسمح لها بالاستثمار في صناديق استثمارية أو أسواق مالية دون القيود المفروضة على المستثمرين العاديين. تختلف هذه الشروط حسب الجهة التنظيمية، وتشمل معايير مثل حجم الأصول، والخبرة، أو الحصول على شهادات مهنية متخصصة في الأوراق المالية».
فمثلاً في سوق «نمو» السعودية لا يُسمح بتداول أسهم هذه السوق إلا للمؤهلين؛ سواء كان التأهيل بحجم رأس المال أو بالشهادات المهنية أو العلمية المؤهِّلة للتداول.
فهل يمكن فتح السوق لتداول السعوديين في هذه السوق دون قيود، وتركهم يتداولون عبر التجربة وبطريقة الخطأ والصواب ليتعلموا من أخطائهم كما تعلموا من تجاربهم في سوق الأسهم السعودية حين كانت حديثة النشأة؟

