: آخر تحديث

كلمات لا نعي معانيها

4
4
4

عثمان بن حمد أباالخيل

الكلمة التي نتفوه بها تملكنا حين تخرج من أفواهنا، ونملكها حين نحتفظ بها في داخلنا. والكلمة كذلك سلاح قوي وفتاك حين تصيب الإنسان بغير قصد وهذا ما نسميه زلة لسان. هل حقاً هناك زلة لسان أم هو تعبير عفوي عما في داخلنا. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) أخرجه البخاري ومسلم. وأحياناً كثيرة الصمت حكمة وكما يقال: إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب‏. ليس لدي شك أبداً أن الإنسان الحكيم المتأني يستطيع أن يزن كلماته ويختار الكلمة المناسبة التي تعبر عن الموقف. إن الكلمة التي نملكها هي التي تدخل للقلب بسرعة، ولها وقع حسن على متلقيها، كذلك إنها تترك أثرا حسنا وتحفر في الذاكرة للأبد، لم لا وغالبية الناس يحتفظون بكلمة أو كلمات من عقود أو سنوات، إنها طبيعة بشرية. وعلماء النفس أكدوا على أهمية وقع الكلمة على الإنسان حيث إنها تساعد على إفراز مادتي الإندروفين وإنكيفالين اللتين تؤثران على مراكز الانفعال تحت المهاد، كذلك تعمل على ضبط معدل الضغط لدي مريض الضغط‏ وتضبط السكر في الدم. وكم هو جميل أن نعود فلذات أكبادنا كلمات طيبة حين نرددها في بيوتنا بدلاً من تلك التي تكدر الخاطر وتأخذك إلى القاع، فالكلمة الطيبة تمتن العلاقات بين الناس وتطيب القلوب قال الله تعالي: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً}.

الإنسان الذي يتعامل مع الآخرين سواء أكان في المطار أو دائرة حكومية أو في بنك أو الشارع، وفي كل الأماكن مع الصغير والكبير عليه اختيار الكلمات الطيبة الجميلة التي تعكس مستواه الفكري والحضاري. الكثير من الناس سافروا للخارج للشرق والغرب وسمعوا كلمات طيبة، كلمات تعبر عن الإنسان للإنسان إنها صفاتنا نحن المسلمين، لكننا تركناها لغيرنا من البشر، ونحن أولى بها وأولى أن نطبقها في تفاصيل حياتنا. للأسف وسائل التواصل الاجتماعي خلقت جيلا من الناس يكتبون وينطقون بكلمات جارحة يعونها أو لا يعونها ويجهلون معانيها، كلمات جارحة وأحياناً تخدش الحياء، كلمات جارحة ربما لها وقع الرصاصة، وألم الرصاصة. كلمات ربما تؤثر على اللحمة الوطنية والانسجام والتكافل الاجتماعي.

يقال: إن النعمان بن المنذر - وقيل أحد ملوك حمير - خرج ذات يوم تتبعه حاشيته، حتى مروا على تلة مرتفعة، فوقف النعمان وصار يتأمل بالطبيعة من حوله، عندها تقدم إليه رجل من الحاشية فقال: ترى يا مولاي لو ذبح أحدهم على سفح هذه التلة؛ إلى أين سيسيل دمه؟ ففكر النعمان لبرهة ثم قال: والله ما المذبوح إلا أنت! وسنرى إلى أين سيصل دمك! فأمر به فذبح على رأس التلة. فقال رجل من الحاشية: (رب كلمة قالت لصاحبها دعني).

(القلوب مزارع فازرع فيها الكلمة الطيبة فإن لم تتمتع بثمرها تتمتع بخضرها) لقمان الحكيم.

همسة لأولئك الذين يجهلون وقع الكلمة على الإنسان هل تجرعتها من قبل وهل تقبلها على الآخرين فاختر الكلمة والكلمة الطيبة فهي مفتاح القلوب المقفلة. واقتل الكلمة الخبيثة في داخلك وحافظ على أفئدة الآخرين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد