نادية عبدالرزاق
هل شعرت يوماً أنك مراقب؟ وكم مرة تصرفت على سجيتك في المصعد أو المقهى أو في المحال التجارية أو حتى في الشارع، ومن ثم نظرت من حولك باحثاً عن كاميرات المراقبة، حيث زاد الاهتمام بكاميرات المراقبة في السنوات الأخيرة لأهميتها في الحماية الأمنية وحاجة المؤسسات والمراكز للأنظمة الأمنية.
فهي بمثابة العين الساهرة على تصوير ومراقبة كل شيء بالمؤسسات والأماكن المختلفة سواء من الداخل أو الخارج، وتم تطوير أنظمة المراقبة بشكل كبير لمواكبة المتطلبات والحاجات الأمنية لمختلف المؤسسات، فلهذه الكاميرات دور وقائي رادع من ارتكاب الجرائم كالسرقة أو محاولات إلحاق الأذى بالممتلكات والأفراد، إضافة لدورها في الكشف عن الجرائم ومرتكبيها وتفاصيل ارتكابها.
لكن على الرغم من الإيجابيات العديدة التي توفرها أنظمة المراقبة عبر الكاميرات إلا أنها لا تخلو من بعض المخاطر الجسيمة التي تحدث بشكل عكسي قياساً بفوائدها، لا سيما بعد انتشار ظاهرة التسجيل الصوتي والمرئي عبر الكاميرات الظاهرة والمخفية، فاستخدام كاميرات المراقبة لغرض التجسس على الآخرين أو انتهاك خصوصياتهم يُعد تصرفاً مجرماً أخلاقياً وقانونياً .
ويتعارض مع مبادئ احترام الإنسانية وحماية الحق في الخصوصية، وانتهاكاً للثقة التي يجب أن تسود بالمجتمع، فانتشار هذه الكاميرات دون تنظيم وتقنين في بعض الأحيان يترتب عليه بعض الأضرار خاصة عندما توضع تلك الكاميرات بشكل خفي في الأماكن الخاصة التي لا يعلم مرتادوها بأنهم مراقبون.
وعندما تتجاوز الغرض منها كتوجيهها لرصد أماكن السكن وتحركات الأفراد وانتهاك خصوصياتهم بشكل صارخ دون إذن مسبق، بهدف الابتزاز والتهديد بالتشهير من أجل الحصول على مكاسب ودوافع متعددة قد تكون مالية أو قد تكون سبباً في إكراه المجني عليه للقيام بأفعال لم يرغب في القيام بها في الوضع الاعتيادي لدوافع غير أخلاقية من قبل الجاني، فقد يتم تصوير المجني عليه في المحال التجارية وهو يقوم بتغيير الملابس، وقد يتم التصوير في المنازل أو الأماكن المغلقة مثل الفنادق.
أحكام جرم المشرع التعدي على الخصوصية بشكل عام والتصوير دون إذن بشكل خاص بموجب المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 2022 بشأن الجرائم والعقوبات فنص بالمادة رقم «431» على أن: يعاقب بالحبس والغرامة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني عليه: «استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق الهاتف أو أي جهاز آخر، التقط أو نقل بجهاز أياً كان نوعه صورة شخص في مكان خاص».
كما نصت المادة «44» من المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 المعدل بموجب القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2024 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر والغرامة التي لا تقل عن 150,000 درهم ولا تزيد على 500,000 درهم أو إحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم شبكة معلوماتية أو نظام معلومات إلكترونياً أو إحدى وسائل تقنية المعلومات بقصد الاعتداء على خصوصية شخص أو على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد من غير رضا وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً بإحدى الطرق التالية:
«استراق السمع أو اعتراض أو تسجيل أو نقل أو بث أو إفشاء محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية، التقاط صور الغير في أي مكان عام أو خاص أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها، نشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات ولو كانت صحيحة وحقيقية بقصد الإضرار بالشخص».
ضوابط لذا يجب أن يكون استخدام كاميرات المراقبة مبرراً بحاجة أمنية حقيقية ملموسة، وأن يكون نظام المراقبة متناسباً مع هذه الحاجة متجنباً التوسع غير المبرر الذي يمكن أن ينتهك الخصوصية، والالتزام بوضع لوحات في أماكن بارزة تبين أن المكان مجهز بكاميرات المراقبة وعددها، ويحظر نقل أو تخزين أو إرسال أو نشر التسجيلات التي تلتقطها كاميرات المراقبة إلا بموافقة الجهات الرسمية، والتشديد على خطر تركيب كاميرات المراقبة في الأماكن المعدة للسكن أو النوم وغرف الفنادق وغرف العلاج الطبيعي وغرف تبديل الملابس ودورات المياه والصالونات النسائية أو أي موقع يتعارض وضع الكاميرات فيه مع الخصوصية الشخصية.