: آخر تحديث

امرأة تبحثُ عن حل...

0
0
0

سارة النومس

على الرغم من كثرة الحركات النسائية في العالم خصوصاً في الآونة الأخيرة، اختلفت المطالبات بشكل أدى إلى عدم وضوح الجمعيات النسائية أو تلك الحركات.

قمت بزيارة المكتبة الوطنية العامة في روتردام قبل أيام عدة، حيث يعتبر 2025 هو عام المرأة في المدينة الهولندية، تخليداً لذكرى ظهور الحركات النسائية في عام 1975.

وشهدت عرضاً تقديمياً أنا وزميلات لي بهذه المناسبة، والأسباب التي أدت لظهور تلك الحركات، وأهمها العنف المنزلي.

إنّ معظم الحكومات اليوم تساهم بشكل كبير في دعم المرأة وتمكينها في بيئات العمل ومساندتها في المجالات المتعددة ومنها السياسية، لكن ورغم ذلك لا يزال بعض النساء يعانين من العنف المنزلي والاضطهاد الوظيفي في بعض بيئات العمل التي يتركز عليها الجانب الذكوري.

لقد حضرت بعض المؤتمرات التي تطالب بالحد من العنف ضد المرأة، وسُنت قوانين تحافظ على سلامة المرأة ووجودها، لكن ذلك لم يحافظ بشكل كامل على أمنها في المجتمع... بعض الجرائم تُرتكب بدافع الشرف، على سبيل المثال، تبريراً لقتل المرأة.

وما أثار استغرابي أن هذا السبب متداول أيضاً في جرائم القتل ضد النساء في هولندا.

من أهم الأسباب التي تدفع المرأة لعدم المطالبة بحمايتها في مجتمعاتنا العربية وحتى الغربية، هو عدم استعدادها للتخلي عن منزلها وأطفالها والبقاء في بيئة آمنة قد توفرها بعض الحكومات لحمايتها... وبعض الشخصيات الذكورية لن تستطيع إيقاف عنفها ضد المرأة أو الطفل في المنزل.

كما أن الخوف من الكلام الذي يُتداول أحياناً بين الناس عن أسباب هروب النساء من منازلهن، قد يجعلها تخشى ذلك وتفضل البقاء معنفة على أن يتلوث سمعة منزلها بكلام الناس واتهاماتهم، وهذا من سمات المرأة التي تغلبها العاطفة ومع إعطاء فرص كثيرة ربما ينصلح حال المنزل.

كما أن عدم رغبة بعض الأسر بزيارة الاخصائيين لطرح المشكلة والبحث عن حلول لها، كانت من المسببات الرئيسية لتفاقم المشاكل في المنزل... قد يتدخل بعض الأبناء لحماية الأم أو الابنة من تسلط الأب أحياناً أو العكس. وتستشير بعض النساء جمعيات نسائية لحمايتها والبحث عن الحلول لها، لكنها تخشى أيضاً التدخل القانوني الذي ربما يؤدي في النهاية لتفكك الأسرة.

القول إن الاختيار كان خاطئاً، هو قول فات أوانه، ولا مجال للعودة إلى الماضي وتغيير المصير، لكن لا بد أن نسلّط الضوء على جهود الدول في سن القوانين وتوفير الجمعيات والمؤسسات التي تكفل حماية المرأة، ولكن لِمَ لا تعطي تلك الجمعيات والمنظمات، الحلول للنساء؟

فعندما تقوم بعمل دراسات عن نسبة العنف وأسبابه، لابد في النهاية من توافر الحلول التي قد تساعد المرأة في مواجهة العنف، ونشر تلك الحلول بالمجان وتوفيرها في كل الأماكن، فبعض النساء لا يستطعن الوصول لتلك الجمعيات، كما يساهم الإعلام بشكل كبير عن طريق البرامج التثقيفية والمقابلات الحوارية بطرح تلك المشكلات وكيفية الوصول لحلها، وستساهم تلك البرامج في مساعدة المرأة بالتفكير السليم للحل... تراكم المشكلات بشكل كبير قد يعيق تفكيرها في الوصول للحل الأمثل.

ليس هناك مجتمع في العالم خالٍ من العنف ضد المرأة أو الطفل، مهما كثرت الجمعيات والمؤسسات التي تتحدث عن هذا الموضوع، وليست المرأة العربية وحدها التي تعاني... لا يستطيع أحد إيقاف الجريمة لكن يستطيع أن يحد من ارتكابها وربما تقليل الجرائم في المجتمع، كما أن دور الجمعيات والمؤسسات لا يجب أن يكون حكراً على المرأة وإنما حتى الرجل بحاجة لاهتمام تلك المؤسسات في كيفية بحث السبل المهمة لإصلاحه وإعانته على إدارة منزله بالحكمة، فالسجن ليس حلاً لإيقاف العنف وإنما إعادة التأهيل أيضاً، ولا يتم ذلك إلا بتكاتف المجتمع والمؤسسات مع بعضها البعض.

إنّ تلك الجمعيات والمنظمات لم تظهر كي تقوي شوكة النساء ضد الرجال كما يظن الكثيرون، وإنما لإعانتها على مواجهة الصعوبات وتأهيلها، فوجود امرأة مطمئنة في بيت يعني استقراره وراحة الأبناء بين ذويهم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد