قبل سنوات عديدة استطاع شاب مصري في مقتبل العمر الاختباء داخل منطقة الأهرامات بعد إخلائها من الزوّار قبيل المغرب، وقام في جنح الليل بتسلق هرم الملك خفرع، المعروف باسم الهرم الثاني. والمعضلة لم تكن في كيفية تسلل الشاب إلى المنطقة الأثرية التي تغطي مساحتها عدة كيلومترات، ولم تكن كلها مغطاة بكاميرات المراقبة مثلما الحال الآن، كما أنه من المحال حراسة كل شبر من المنطقة برجال الأمن! لكن المعضلة الحقيقية هي كيف استطاع هذا الشاب، ودون أي أدوات تسلق، أن يصل إلى قمة الهرم، خصوصاً لو علمنا أن هرم الملك خفرع هو الوحيد بين أهرامات الجيزة الذي لا يزال يحتفظ بأحجار الكساء الملساء حول قمته بارتفاع عدة أمتار؟ فكيف تمكّن الشاب المصري من تسلق الحجر الأملس والوصول إلى القمة؟ وبالمناسبة أحجار الكساء الخارجي للأهرامات كانت تُجلب من محاجر الحجر الجيري الملكي بمنطقة طرة والمعصرة بالقرب من حلوان. وقد كشفت لنا حديثاً برديات وادي الجرف عن واحدة من المهام التي كلف بها رئيس إحدى فرق العمال، ويُسمى مرر، وكانت جلب بعض من أحجار كساء هرم الملك خوفو من طرة إلى الجيزة.
نعود إلى قصة المتسلق الشاب، التي حوَّلها الناس إلى مجموعة من القصص والروايات المختلفة، منها أن الشاب أراد دخول موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، كونه أول مَن استطاع الوصول إلى قمة هرم خفرع دون أي أدوات تسلق. وفي رواية أخرى أن الشاب كان يريد تسلق هرم الملك خوفو لأنه فشل نظراً لشدة الحراسة حوله، فلم يكن أمامه سوى هرم خفرع.
ظلّ الشاب معلقاً فوق قمة الهرم حتى جرى إنقاذه بطائرة هليكوبتر، وتم احتجازه والتحقيق معه ليتبين أنه عامل بسيط من محافظة المنصورة جاء لزيارة أخيه الذي يُقيم في حي الهرم. ومن ثم قام بزيارة المنطقة الأثرية، ودخل بتذكرة زيارة عادية، لكنه اختبأ في إحدى المقابر المفتوحة بالجبانة الغربية حتى الليل، ليقوم بعدها بمغامرته التي استمرت على حد قوله نحو ثلاث ساعات، حتى تمكن من الوصول إلى قمة الهرم، وبعدها عجز عن النزول وحدث ما حدث.
ومن خلال شهادته أمام الشرطة ندرك أنه إنسان غير طبيعي، ربما كان من مجانين الشهرة... وقد تقابلت مع بعض الأجانب الذين كانوا موجودين بفندق الميناهاوس القريب من المنطقة الأثرية، واستطاعوا تصوير هذا الشخص بكاميراتهم الخاصة... ومن خلال الصور الفوتوغرافية نكتشف أن الشاب كان يُصلي لبعض الوقت، ويمضي وقتاً وهو ينظر إلى الشمس، وهناك صور له يؤدي التحية العسكرية، وكأنه يضرب (تعظيم سلام)! وعندما عزم على النزول من قمة الهرم، تملكه الخوف. وقامت الشرطة عن طريق الدفاع المدني بالاتصال بالجيش، وجاءت الطائرة الهليكوبتر لتقف بالقرب من قمة الهرم... وبعد ذلك أنزلوا حبلاً، ونزل شخصان وربطاه بالحبل ووضعاه داخل الطائرة التي هبطت بعد ذلك في المطار المخصص للهليكوبتر بالمنطقة الصحراوية جنوب الهرم الثالث... وعندما سألوه عن سبب ما فعله؟ أجابهم بأنه كان يريد أن يصلي قريباً من الشمس... وطبعاً تم عرضه على النيابة العامة التي أخلت سبيله بعد أن تأكدت من حسن نيته، رغم التهور الذي يصل إلى حد الجنون فيما قام به، لكن حداثة سنه ربما شفعت له. لم تكن قصة هذا الشاب هي الأولى أو الأخيرة في سلسلة مجانين من كل أنحاء العالم أرادوا تسلق أهرامات الجيزة، ومنهم من انتحر وأنهى حياته بسبب هذا الجنون، وآخرون كان كل حلمهم التقاط صورة لهم من فوق قمة الهرم.