حمد الحمد
في الأسبوع الماضي، توجهت أنا وثلاثة أفراد في رحلة إلى بغداد بطريق البر، ومن البصرة إلى بغداد 560 كيلومتراً... طريق سريع ممتاز.
السالفة أنني من هواة الاكتشاف بمعنى السفر بالبر لاكتشاف المدن والطرق، لأن السفر بالجو لا يروق لي، حيث لا أشاهد إلا الغيوم ومطارات، لهذا في هذا الصيف بالسيارة، وصلت بريدة وحائل وعدت للرياض، ثم مرة أخرى انطلقت إلى الهفوف، وهي الأحساء اكتشفت جمالها وحسن تنظيمها. لكن ايضاً كان لي جولة في لندن وغلاسكو وأثينا، والعام الماضي، عمان الأردن ومسقط عُمان.
وأنا أملك عشرات الكتب في مكتبتي عن الرحلات التي قام بها الرحالة في الجزيرة العربية واليمن والعراق وحتى المغرب، لهذا أتشوق لزيارة أغلب المدن التي ذكرت في تلك الكتب، ومؤكد أنني زرت أغلب الدول العربية، ما عدا ليبيا والسودان والجزائر واليمن.
لكن أول زيارة لي للعراق كانت للبصرة، وكانت في يونيو من عام 2023، وكنت أقود سيارتي بنفسي، وقد سألت من سافر قبلي قبل أن أذهب، كيف الأمن والأوضاع هناك وقيل لي «ماكو شي»، يعني الأمن مستتب... وفعلاً وصلنا هناك ليوم وتجولنا ولم تواجهنا أي عراقيل بل ترحيب.
استمعت بالسفر في الطريق الدولي من البصرة مروراً على مدن عدة، منها السماوة والعمارة والحلة حتى وصلت بغداد وقت الظهر.
وجدنا الوضع طبيعياً والأمن مستتباً، وكأننا ندخل أي مدينة عربية، وكان الغداء في مطعم اسمه «حكاية الصياد» يضاهي مطاعم باريس ولندن، والعشاء في مطعم في شارع الأعظمية واسمه قاسم أبوالقص الأصلي، وهو مطعم مشهور، ويفتح حتى الساعة الرابعة صباحاً.
وفي اليوم التالي تجولنا في كل أنحاء بغداد، خصوصاً شارع المثنى، شارع المكتبات، وتناولنا الشاي في قهوة الشاهبندر التي تأسست عام 1904 أيام الحكم العثماني... وكان السكن في فندق أربع نجوم في شارع تجاري بمنطقة الكرادة العرصات.
عموماً الوضع كان طبيعياً وماكو شي يعكر البال، وعدنا بعد ذلك إلى البصرة التي تطورت عن عهدي بها من سنتين، لكن تعاني من عدم توافر الماء العذب.
هذه هوايتي متعة السفر بالبر، ومحاولة اكتشاف المدن بعيني وليس عن طريق الإعلام، ومازال في مخططي السفر للأهواز وطهران وكذلك حضرموت لأغطي كل ما قرأته في الكتب المتضخمة في مكتبتي.
ما أود قوله، تستطيع أن تتلاعب بالتاريخ ولكن يصعب ذلك في الجغرافيا، لهذا يفترض أن تعلم وضع جيرانك كدول وشعوب، سواء العراق أو إيران، لأن تطورهم هو استقرار ومكسب لنا، أو لا سمح الله لو هناك تدهور ستكون له آثار سلبية علينا.
لهذا كل من سألني عن الوضع هناك أقول «ماكو شي»، لكن أطرف شيء أنني قبل هذه الزيارة بأسبوعين كنت في لندن وكان لا يشغل بالي غير سرقة هاتفي أو محفظتي، لكن في سفرتي هذه، وحتى سفرتي لعمان الأردن العام الماضي أو الهفوف أو مسقط لم أكن أفكر بتاتاً في أمور كهذه... أليس هذا بغريب أن تكون مدننا العربية آمن من بلاد الغرب؟! وهذه حقيقة لكن الإعلام يساهم بالتشويه.