فيصل الشامسي
تعيش المنطقة العربية اليوم في ظل تحولات جيوسياسية متسارعة، تتقاطع فيها الأزمات والصراعات مع فرص التعاون والتكامل. هذه الاضطرابات الجيوسياسية لم تعد مجرد أحداث عابرة، بل أصبحت ظاهرة مركبة تمس الأمن القومي العربي، وتنعكس على استقرار الشعوب ومستقبلها.
ففي عالم تتشابك فيه المصالح وتتصاعد فيه الصراعات والتحديات العابرة للحدود، برزت الحاجة الملحة إلى رؤية استراتيجية قادرة على تحويل التحديات إلى فرص، وإعادة صياغة العلاقات العربية بما يعزز وحدة الصف والمصير المشترك. في هذا السياق يبرز الدور التاريخي والحاضر لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي جعل من تعزيز اللحمة العربية محوراً رئيساً في سياساته ومبادراته.
منذ أن تأسست دولة الإمارات على يد الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ونهجها واضح في ترسيخ اللحمة العربية وتعزيزها، وسارت على هذا الدرب قيادتنا الحكيمة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حيث حرص سموه على أن تكون دولة الإمارات نموذجاً في تبني سياسات متوازنة ومسؤولة تقوم على الانفتاح والحكمة والاعتدال.
وتجلّت هذه الرؤية في المواقف الصادقة والمبادرات العديدة التي استهدفت رأب الصدع العربي وتقوية جسور التعاون بين الدول الشقيقة. فقد عمل سموه على تعزيز العمل العربي المشترك في مجالات الأمن والاستقرار والتنمية، وساند بقوة جهود المصالحة وحل النزاعات بالحوار والدبلوماسية.
وتُعد مبادراته الإنسانية والتنموية في الدول العربية المتضررة من النزاعات مثالاً ساطعاً على هذا التوجه؛ إذ لم تقتصر جهود دولة الإمارات على الدعم السياسي فحسب، بل امتدت إلى مشاريع إعادة الإعمار، ودعم البنى التحتية، وتخفيف معاناة الشعوب الشقيقة. ولا تقف جهود صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عند حد الاستجابة للأزمات، بل تتعداها إلى بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد بين الدول العربية. فقد أولى سموه اهتماماً خاصاً بترسيخ ثقافة العمل الجماعي، وتعزيز التنسيق في مواجهة التحديات المشتركة مثل التحولات الجيوسياسية والإرهاب والتطرف، ودعم الأمن الغذائي والمائي، والمشاركة في المبادرات البيئية والاقتصادية التي تعزز الاعتماد المتبادل بين الدول العربية. هذه الجهود تعكس إدراكاً عميقاً لدى سموه بأن قوة العرب تكمن في وحدتهم، وأن التحديات الجيوسياسية لا يمكن مواجهتها إلا من خلال رؤية عربية مشتركة.
إن الدور التاريخي لدولة الإمارات تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، يظهر أيضاً في دعمها الثابت للقضايا العربية الكبرى وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومساندتها للدول العربية الشقيقة بهدف استقرارها ونشر التنمية في محيطها، والعمل على استعادة دور المؤسسات العربية الفاعلة في رسم السياسات الإقليمية. كما أن جهود دولة الإمارات في تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان، ومكافحة خطاب الكراهية والتطرف، تسهم في تعزيز صورة العالم العربي كفضاء للتسامح والتعايش، وهو ما يعزز اللحمة العربية داخلياً ويقوي مكانتها خارجياً.
الأبعاد المتعددة لهذه الجهود السياسية والأمنية والتنموية والثقافية تؤكد أن ما يقوم به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، يمثل مشروعاً استراتيجياً لبناء نظام عربي أكثر تماسكاً وقدرة على مواجهة التحديات. إنه مشروع يهدف إلى إعادة الاعتبار لفكرة التضامن العربي في عالم يتغير بسرعة، بحيث تصبح الدول العربية قادرة على صياغة مستقبلها بأيديها بدلاً من أن تكون ساحة لصراعات القوى الكبرى.
وفي خضم هذه الاضطرابات الجيوسياسية، تظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مثالاً للحنكة والرؤية الثاقبة السديدة، حيث يجمع بين الحكمة في اتخاذ القرار والقوة في المبادرة، وبين الواقعية السياسية والطموح الاستراتيجي، وهذا ما جعل دولة الإمارات لاعباً محورياً في المنطقة، وشريكاً موثوقاً به في القضايا العربية والدولية على حد سواء. إن ما يقوم به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، من جهود لتعزيز اللحمة العربية يوجب الالتفاف الشعبي والرسمي خلف هذه الرؤية الحكيمة. فالثقة بالقيادة الحكيمة، ودعم سياساتها، والتمسك بالثوابت الوطنية، هي الطريق الأمثل لمواجهة الاضطرابات الجيوسياسية وتحويلها إلى فرص للنهوض العربي المشترك. إن الوقوف خلف القيادة الحكيمة، والاقتداء بهذا النهج كفيل بأن يعزز اللحمة العربية ويجعلها أكثر قوة وتماسكاً في مواجهة تحديات العصر.