: آخر تحديث

البيض وكتابة المقال بالذكاء الاصطناعي

5
5
5

أنا من محبي تناول البيض، في أي وقت كان، سواء مغلياً، أو محضراً بزيت الزيتون، أو بإضافة الأطايب له كالجبنة والطماطم والبصل، بمختلف ألوانه، والباذنجان، أو الفاصوليا، أو أية حبوب أخرى.

اعتدت لسنوات على التخلص من البيض الذي يطول بقاؤه في البراد، سواء بعد العودة من سفر، أو عند الشك في صلاحيته، أو طعمه. مع استمرار اعتراض زوجتي على تصرفي، الذي اعتبرته نوعاً من الخوف غير المبرر من التسمم، قمت بشيء من التردد، بتعديل موقفي «التاريخي»، بعد البحث عن فترة صلاحية البيض أو الـLife shelf.

تعتقد «إدارة الغذاء والدواء» الأمريكية، المصدر الأكثر دقة، عالمياً، بأن البيض يُصبح غير آمن للأكل إذا تُرك دون تبريد لأكثر من ساعتين تقريبًا في درجة حرارة الغرفة، أو ساعة واحدة فقط إذا كانت درجة الحرارة أعلى من 32 درجة مئوية! وربما في هذا بعض المبالغة، فتجارب ملايين البشر، خاصة في الدول الفقيرة لا تقول ذلك، حيث يباع تحت درجات حرارة أعلى من 32 مئوية، لكننا لا نعرف حقيقة آثار ذلك عليهم.

علمياً تضع الدجاجة البيضة، وعليها طبقة طبيعية واقية حافظة، لكنها تزول بمجرد غسل البيض، وبالتالي من الأفضل إما عدم غسله، قبل استخدامه، أو حفظه مبردًا، فور الانتهاء من غسله، فغسله وتركه في درجة حرارة الغرفة لأكثر من ساعتين، يعجّلان بنمو البكتيريا بداخله، مما يجعله غير آمن للاستهلاك البشري. وكلما زادت حرارة الغرفة، تقلّص وقت بقاء البيض صالحاً.

***

سألني صديق وقارئ قديم، متشككاً، عما إذا كنت أستعين بالذكاء الاصطناعي في كتابة مقالاتي، فأجبته، مبتسماً، بنفي قاطع، وسألته إن كان قد لاحظ تغيراً ما في أسلوبي أو أفكاري، عما كانت عليه قبل عشر أو عشرين عاماً، فنفى ذلك، لكنه تساءل عن سبب هذا التنوّع في كتاباتي، فقلت له إن ذلك يعود إلى انفتاحي الأخير على مصادر معرفة جديدة، بصورة يومية، بعد أن أصبح الوقت المتاح للبحث والقراءة أكبر مما كان عليه قبل تقاعدي، كما أصبحت أدفع مبالغ مالية مقابل قراءة صحف مميزة كالنيويورك تايمز، والفورن بوليسي، وهذا دفعني للاستفادة مما دفعت، إضافة إلى استعانتي أحياناً، كما فعلت في موضوع البيض أعلاه، بمصادر الذكاء الاصطناعي للحصول على أكبر قدر من المعلومات عن موضوع معين، وهذه الاستعانة تختلف تماماً عن الطلب من هذه المصادر تولي كتابة المقال نيابة عني. فالاستعانة بما يحتويه Gpt أو الـGrok أو Perplexity من معلومات لا يختلف عن سماعها من مصدر بشري أو ورقي أو من كتاب، فهي تبقى بالنسبة لي، حتى الآن، مصدراً جيداً، وحتماً ليست وسيلة كتابة مقال، والفرق واضح، كما أقوم في أحيان بالتيقن مما ورد في هذه المصادر، عندما يكون الجواب متحفظاً، أو حتى غير متوافر، خصوصاً في المواضيع السياسية أو الدينية، لكنها تبقى، بشكل عام، مصادر جيدة وشاملة، وسريعة. ويكفي أن تصفحها يشعرنا بأننا كلما ازددنا معرفة ازددنا إدراكاً بمدى جهلنا، وبما في كوكبنا، دع عنك الكون الأوسع، من علوم وأسرار، لا يمكن الإحاطة به، وبالتالي ما أسعى إليه هو تقليل جهلي، ما أمكن، ومشاركة الغير بما أتوصّل إليه من معارف، فيما تبقّى لي من عمر.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد