وفاء الرشيد
شهدنا، مؤخراً، موجة تجييش خطيرة ضد شركات سعودية بارزة. البداية كانت حملة مقاطعة إلكترونية مشبوهة انتهت بإعلان إفلاس «إحدى تلك الشركات»، والآن نرى «الأخرى» تواجه حملة مشابهة بلا مبرر..
اللافت أن من يقود هذا التجييش حسابات وهمية تُدار بوضوح من خارج المشهد المحلي، وتستخدم أسلوب التضخيم المنظم لأي خطأ أو شائعة حتى يتحول إلى قضية رأي عام.
هنا لا نتحدث عن نقد استهلاكي عفوي، بل عن محاولة ممنهجة لضرب وتخوين القطاع الخاص السعودي وتشويه صورته أمام المواطن لزرع الفتنة ونشر الإحباط بين المواطنين! وهذا بحد ذاته مؤامرة صامتة تستهدف كسر الثقة بين المواطن وشركات بلاده.
القطاع الخاص ركيزة لا عدو، فهو اليوم يوظف أكثر من 8.7 مليون عامل، بينهم أكثر من 2.3 مليون سعودي.. إغلاق أي شركة كبيرة لا يعني خسارة مطعم أو علامة تجارية، بل يعني فقدان مئات الوظائف وتعطل سلاسل توريد تضم مئات الموردين المحليين.
الشركة التي تدار ضدها حملات تشويه الآن وحدها تشغّل ما يفوق 5,000 موظف، وتتعامل مع أكثر من 200 مورد محلي! تخيل حجم الضرر لو انهارت بسبب حملات مقاطعة وهمية.
إفلاس «إحدى تلك الشركات الوطنية» ليس حدثاً تجارياً عادياً، بل مؤشر مقلق كبير، فهو يرسل إشارة سلبية للمستثمر الأجنبي الذي تراقب عينه السوق السعودية: «رأس المال المحلي نفسه غير محمي من حملات التشويه»... وهذا يتناقض مع أهداف رؤية 2030 التي تستهدف رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي من 40% إلى 65% خلال السنوات المقبلة.
السيناريو المكرر لمن يريد أن يحلل:
1. شائعة أو تصريح يُقتطع من سياقه.
2. تضخيم عبر حسابات مجهولة.
3. بث خطاب تخويني: «القطاع الخاص يستغل المواطن».
4. تحويل التفاعل الشعبي إلى غضب غير موجه.
5. استغلال ملف البطالة والتفاوت المعيشي والضرب على لحن الأجانب لزرع الفتنة الداخلية.
هذا النمط ليس وليد الصدفة، بل جزء من حرب ناعمة اقتصادية تستهدف الداخل بوضوح.. والمعركة اليوم ليست على ساندويتش أو وجبة، بل على ثقة المواطن في اقتصاده الوطني.
حين تُفلس شركة سعودية فالرسالة ليست للمستهلك فقط، بل لكل مستثمر: «احذر، قد تكون الضحية القادمة»... هذه الهزات تتجاوز شركة واحدة لتضرب صورة المملكة كوجهة استثمار آمنة.
المطلوب اليوم ليس فقط تحصين الشركات، بل تحصين وعي المواطن.. فالنقد البنّاء مرحب به، لكن التجييش عبر حسابات مجهولة يجب أن يُقرأ بصفته مؤامرة منظمة لا حملة رأي عام عابرة..