: آخر تحديث

أمي إلى رحمة الله

4
3
3

ليلى أمين السيف

{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}..

رحلت التي كانت تدعو لنا أكثر مما تدعو لنفسها،

رحلت سيدة الرحمة،

ونبض القلب،

وعطر البيت،

ودفء العمر.

رحلت وأغلقت دوني كل أبواب الدعاء.

انتقلت إلى جوار ربها أمي،

اللهم اجعلها في عليين، وارزقها الجنة بغير حساب، وثبّتها عند السؤال، وارزقني صبرًا بحجم الفقد، وقوةً بحجم الغياب..

يا أمي...

لم يكن وجعكِ عابرًا، ولم يكن مرضكِ مؤقتًا، ولم يكن رحيلكِ سهلاً...

كان فاجعة بكل ما تحمله الكلمة من وجع، كان اقتلاعًا للطمأنينة من صدري، وانطفاءً لنورٍ عمره من عمري.

كنتِ تحاربين الألم بصبرٍ يشبه الأساطير، تخفين دمعتكِ خلف دعاء، وتُخبئين أوجاعكِ كي لا نقلق، تبتسمين حين نتألم، وتُطمئنيننا وأنتِ التي كانت الروح تهزمها كل ليلة.

رحيلكِ يا أمي لم يكن مجرد لحظة توقف فيها قلب. بل لحظة توقف فيها الزمان داخلي، تجمّدت كل الأشياء،

وباتت الحياة تمضي فقط لأن الله كتب لها أن تمضي، لا لأنني أعيشها.

كم أشتاق لصوتك، لدعائكِ لي، لوجهكِ حين تضيء الدنيا حين أراكِ.

رحلتِ لكن كل شيء فيّ يناديك، حتى سكون الليل فيه نحيب باسمك.

أسأل الله أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة، وأن يبدلك دارًا خيرًا من دارك، وأهلاً خيرًا من أهلك، وأن يربط على قلبي، فقد كنتِ الوطن والأمان والسكينة.

أمي..

لا كلمات توفيكِ، ولا حزن يكفيكِ، ولا عمر يُنسيني فقدك.

لكن عزائي الوحيد أنكِ في رحمة الله، وأن اللقاء وعدٌ لا يُخلف.

كل شيء بعدك ناقص.. كل شيء صامت.

كنتِ الحنان حين يجفّ العالم، والملاذ حين تشتدّ الحياة، والأمان الذي لا يُشترى ولا يُعوّض.

أبكيكِ لا جزعًا من قدر الله، بل وجعًا على نفسي، على يتمٍ شعرتُ به وأنا امرأة، على أمٍّ كنتِ كل شيء، وسر كل فرح.

عزائي الوحيد..

أنكِ كنتِ أمي، وأنا ابنتك.

وأن ما بيننا أكبر من الموت، وأقوى من الغياب.

دعائي لكِ لا ينقطع..

وغصة فقدك لا تهدأ.

لكنني أرجو من ربي أن يجمعني بكِ في الفردوس الأعلى، حيث لا فراق، ولا دمع، ولا وجع.

اللهم ارحمها واغفر لها وطيّب مضجعها، واملأ قبرها نورًا ورضوانًا.

ورغم الوجع والفقد...

أخبرك يا فقيدتي أنني فخورة بكِ يا أمي، بكل تفاصيلك، بكل صبرك، بكل دعائك الذي لم ينقطع حتى آخر لحظة..

من مثلك يا أمي؟

من يُشبهك في العطاء، في التضحية، في الحبّ النقي؟

وداعًا يا من كنتِ الحياة كلها...

وما بعدك، هو مجرد بقاء دون روح.

أحبك يا حبيبتي..

ابنتك يا أمي

الخامس من أغسطس 2025

** **

- كاتبة يمنية مقيمة بالسويد


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد