عقل العقل
التعدي على الحقوق العامة والخاصة بدون وجه حق جريمة تعاقب عليها القوانين والشرائع السماوية في كل دول العالم، هناك فساد وثقافة له منتشرة ويبررها البعض باعتقادات خاطئة لها علاقة بالثقافة المحلية والدينية في بعض المجتمعات، في وطننا ومع بداية الحملة على الفساد بكافة أشكاله والتي لا تزال مستمرة وأصبحت هناك تشريعات وقوانين صارمة ضد الفاسدين مهما كانت مكانتهم الاجتماعية والسياسية فلا حصانة للفاسدين، وأنشئت مؤسسات رسمية وأعطيت صلاحيات كبيرة لضرب هذا الداء المهدِّد للتنمية في كل الدول، خاصة إذا لم تكن هناك سياسات صارمة على الجميع، وأن تكون هذه المحاربة مستمرة وواضحة في عملها من حيث الشفافية في الإعلان عن أسماء الفاسدين ومراكزهم بعد ثبوت إدانتهم وصدور أحكام قضائية نهائية عليهم، ونجد هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» تعمل بحزم وقوة في التصدي لهذه الممارسات في كل أجهزة الدولة وفي القطاع الخاص، خاصة إذا كانت هذه المخالفات تخص المال العام، ولا يوجد حصانة لكائن من كان في هذا المجال، وقبل شهر أعلنت «نزاهة» عن مجموعة قضايا لبعض الأشخاص المتورطين في قضايا فساد وكان أحدهم يعمل في «نزاهة» ذاتها، وهذا يعطيني دلالة واضحة على جدية محاربة الفساد في وطننا يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ الذي يقود هذه العملية بشكل صارم وله تصريحات مشهودة في هذا السياق.
الغريب أن البعض لا يزال يرتكب مثل هذه المخالفات التي تدخل في باب الفساد، وقد يستغل البعض منهم الدين وأموره والعاطفة الجياشة من البعض ويستغلها في أمور لا يمكن إلا أن يقال عليها فساد واضح، ولم نعد نسمع التبرير لهؤلاء الفاسدين الذين يسرقون الكهرباء من بعض المساجد ويستخدمونها في مصالحهم الخاصة، سواء في سرقة الكهرباء بكيابل ممدودة ومخبأة تحت الأرض إلى مزارع أو مصانع أو بيوت أو استراحات، وقد تكون هذه السرقة من مساجد يفترض أنها دور عبادة وصلاح ونشر مبادئ إسلامية تحض على الأمانة والصدق والتحلي بالأخلاق الفاضلة، إلا أن هذه الاعتبارات الدينية لم تردع هؤلاء المفسدين، وفي هذا السياق تُشكر وزارة الشؤون الإسلامية على الشفافية في الإعلان عن هذه الممارسات في بعض المساجد؛ التي تمثلت بسرقة الطاقة الكهربائية منها في استخدامها لمصالح شخصية بدون وجه حق، وأتمنى أن يُعلن عن أسماء المتورطين في مثل هذه الممارسات حتى يكون عبرة للجميع وحماية بيوت الله من هذه الحوادث والممارسات الخاطئة.
سرقات الكهرباء من بيوت الله التي أُعلن عنها مؤخراً من قبل وزارة الشؤون الإسلامية تمثلت في ثلاث حالات، إحداها بصبياء في منطقة جازان تمثلت بمد كيبل كهربائي تحت الأرض لمنزل مجاور واستخدام كامل للطاقة المسروقة في ذلك المنزل، الحالة الأخرى في منطقة القويعية حيث استخدمت كهرباء المسجد في سوبرماركت للمواد الغذائية أغلب الثلاجات والأجهزة فيه من كهرباء مسروقة من مسجد فقط، صاحب ذلك المحل أبقى اللوحات الإعلانية لمحله على فاتورة محله والذي صرفها يعتبر منخفضاً جداً، الحالة الثالثة لسرقة الكهرباء من المساجد في منطقة تبوك حيث استخدمت الكهرباء المسروقة في مستودع لأجهزة متعددة وسكن عمال وغطاس ماء لمزرعة ومضافة.
مثل هذه الحالات لها أكثر من بُعد وخاصة البُعدين القيمي والأخلاقي؛ لما تمثله من قيمة أخلاقية في شعور الإنسان المسلم تجاه دور العبادة، وكلنا نعرف ونتابع الجهود العظيمة التي تقوم بها الدولة في رعاية المساجد وحمايتها لما لها من قدسية عظيمة، والمسألة باعتقادي أبعد من فاتورة فالقضية لها أبعاد روحية ودينية.
لا بد أن يكون للأشخاص الذين يعملون في المساجد دور في حماية المساجد التي يعملون فيها من هذه الممارسات، وإن كان هناك تورط منهم أن يحاسبوا على ذلك.